خطة ترامب للسلام: ترحيب دولي وحسابات إقليمية معقدة

الخطة التي تم الكشف عنها بعد لقاء ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تقوم على عدة ركائز أساسية: الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، ونزع سلاح حركة حماس، وتشكيل لجنة فلسطينية تكنوقراطية لإدارة غزة تحت إشراف "مجلس السلام" الدولي برئاسة ترامب نفسه.
الترحيب الدولي بالخطة جاء ليعكس رغبة المجتمع الدولي في إنهاء الحرب التي خلفت أوضاعاً إنسانية مأساوية. فالاتحاد الأوروبي وصفها بأنها "فرصة للسلام الدائم"، بينما أشادت تركيا بجهود ترامب لوقف إراقة الدماء. حتى روسيا عبرت عن أملها في أن تعم السلام في المنطقة.
لكن القراءة المتأنية لبنود الخطة تظهر تعقيدات كبيرة. فمسألة نزع سلاح حماس تمثل نقطة خلافية جوهرية، كما أن آلية الإشراف الدولي المباشر على غزة تثير تساؤلات حول مدى احترام الإرادة الفلسطينية. تهديد ترامب بدعم إسرائيل في حال رفض حماس للخطة يضيف بُعداً جديداً للمعادلة.
المفارقة أن العديد من الدول الأوروبية، رغم ترحيبها بالخطة، أكدت في نفس الوقت على ضرورة حل الدولتين كمسار وحيد للسلام، فيما خلت خطة ترامب من أي إشارة واضحة لهذا الحل. هذا التناقض قد يشير إلى هوة بين الرؤية الأمريكية والتصور الدولي للحل النهائي.
تظل المعضلة الحقيقية تتمثل في كيفية التوفيق بين مطالب إسرائيل الأمنية والحقوق الفلسطينية المشروعة. فبينما تركز الخطة على الجانب الأمني، يبدو أن الجانب السياسي ما زال غائباً إلى حد كبير.
اللحظة الحالية تمثل مفترق طرق حاسماً. فالقبول بالخطة قد يفتح الباب أمام إنهاء المعاناة الإنسانية، لكن رفضها قد يعني استمرار الحرب وتصاعد العنف. النجاح سيعتمد على قدرة الأطراف المختلفة على تقديم تنازلات، وإيجاد صيغة توافقية تجمع بين الأمن والكرامة.
تبقى الخطة الأمريكية محاولة للخروج من المأزق الراهن، لكن تحقيق السلام الحقيقي يتطلب رؤية أكثر شمولاً تعالج جذور الصراع، وليس أعراضه فقط. فالشعب الفلسطيني الذي عانى لعقود يستحق أكثر من مجرد وقف لإطلاق النار، بل حلاً عادلاً يضمن كرامته وحقوقه الوطنية.