قصة سوهان .. مأساة طفلة ليبية في البحر تكشف انهيار الصحة في ليبيا
27 يونيو 20254 مشاهدةوقت القراءة: 2 دقيقة

حجم الخط
16
في مشهد مؤلمٍ يجسّد عمق الأزمة الإنسانية والصحية في ليبيا، تصدّرت صورة الطفلة الليبية "سوهان" وسائل التواصل الاجتماعي، وهي على متن قارب هجرة غير شرعية وسط البحر في طريقها إلى إيطاليا، هربًا من المرض والإهمال، لا من الحرب.
الطفلة التي تعاني من مرض نادر مرتبط بارتفاع "الأنزيمات الكبدية"، دفعت عائلتها إلى اتخاذ قرار قاسٍ بخوض غمار البحر، بعد أن أُغلقت الأبواب في وجوههم داخل البلاد، في محاولة يائسة لإنقاذ حياتها وتأمين العلاج اللازم خارج الوطن.
قضية تحولت إلى رأي عام
انتشار صورة سوهان على قارب الهجرة، تحوّل خلال ساعات إلى قضية رأي عام في ليبيا، وتسببت في حالة من الغضب الشعبي والنقاش الحاد حول أداء النظام الصحي في البلاد، والمسؤوليات المهدرة.
وكتب الناشط يوسف هارون بغضب :
"هل هكذا وصلت بنا الحال ؟ .. أن يركب أطفال ليبيون قوارب الموت ليس بحثًا عن حياة أفضل وإنما طلبًا للعلاج ؟ هذه مأساة إنسانية وإدانة أخلاقية للدولة والمجتمع".
وتابع :
"قطاع الصحة ينهار، الناس تموت ببطء في طوابير العلاج، الأسرة تتكدّس، الأدوية مفقودة، وسوء المعاملة ينهش كرامة المرضى ... أين الرقابة ؟ أين المحاسبة ؟ وأين ذهبت الميزانيات ؟".
أما الناشط سعد المشاتي فعلّق قائلًا :
"طفلة تهرب من الوطن ليس خوفًا من الحرب، بل من وجع الإهمال والفساد . ليبيا التي تُعرف بثرائها، يُجبر فيها المواطنون على ركوب قوارب الموت فقط للحصول على العلاج . إنه عار وانحدار أخلاقي".
بدورها، عبّرت الناشطة مريومة ارحومة عن حزنها بالقول :
"سوهان ليست مجرد حالة، إنها جرس إنذار ... وجع وطن بأكمله . هذه الطفلة تصرخ بألمها : أطفال ليبيا يستحقون الحياة والعلاج والتعليم، لا الموت على ظهر قارب وسط البحر".
استجابة حكومية بعد صدمة الرأي العام
تفاعلًا مع الغضب الشعبي وانتشار القصة على منصات التواصل، أصدر رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة تعليماته العاجلة بالتكفّل الكامل بعلاج الطفلة "سوهان". كما وجّه بالتنسيق مع السفارة الليبية في إيطاليا لتأمين جميع احتياجاتها الطبية، والبدء الفوري في علاجها داخل مستشفى متخصص.
ولم يكتفِ الدبيبة بذلك، بل أمر بتشكيل لجنة تحقيق عاجلة لمعرفة أسباب التأخر في التعرف على حالتها، وعدم اتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة في وقت سابق.
صرخة من عرض البحر
قصة "سوهان" أعادت تسليط الضوء على واقع المهاجرين من ليبيا، لكن هذه المرة من زاوية أكثر وجعًا، حين تكون الهجرة خيارًا علاجيًا لا طموحًا اقتصاديًا، ويكون القارب وسيلة إنقاذ لا بحثًا عن الرفاهية.
طفلة صغيرة، بجسد نحيل ومرض مؤلم، صرخت من قلب البحر، لا لتستنجد فقط بعلاج، بل لتُذكّر بأن في ليبيا أطفالًا يستحقون وطنًا يحتضنهم، لا يلفظهم.