مستوطنون إسرائيليون يعتدون على مزارعي الضفة ويشعلون موسم الزيتون

بينما يُفترض أن يكون موسم قطف الزيتون في فلسطين مناسبة للرزق والفرح، تحوّل مجددًا إلى مشهدٍ من العنف والتوتر، مع تصاعد هجمات المستوطنين الإسرائيليين ضد المزارعين الفلسطينيين في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية، وسط صمت رسمي إسرائيلي و دعوات فلسطينية متجددة للحماية الدولية.
* اعتداءات متزامنة شمالاً وجنوباً : جرحى وحرائق وتخريب
في صباح اليوم الأحد، تعرض مزارعو قرية ترمسعيا شمال رام اللّٰـه لهجوم من قبل مجموعة من المستوطنين، ما أدى إلى إصابة أحد المزارعين بجروح، إضافة إلى إضرام النار في عدد من المركبات.
أما جنوباً، في بلدة الساوية قرب نابلس، هاجم مستوطنون قاطفي الزيتون وأشعلوا النار في سياراتهم، خلال اعتداء وقع بين قريتي المغير و ترمسعيا.
وفي بيت لحم، اقتحم أحد رعاة المستوطنين أراضي المواطنين في منطقة خلايل الوز جنوب المدينة، وترك قطيعه يدمر المحاصيل الزراعية، مما ألحق أضراراً جسيمة بالمزروعات.
ولم تتوقف الاعتداءات عند ذلك، إذ أفادت مصادر محلية في شمال الضفة بأن جرافة تابعة للمستوطنين بدأت أعمال تجريف في أراضٍ زراعية بين قريتي برقة وبيت إمرين، وهي منطقة تشهد محاولات توسّع استيطاني متكررة منذ سنوات.
* هجمات موسمية تتكرر بلا محاسبة
تشير تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية إلى أن هذه الاعتداءات أصبحت نمطاً موسمياً متكرراً، خاصة مع انشغال المزارعين خلال موسم الزيتون، حيث يقوم المستوطنون بـ :
• قطع الأشجار
• سرقة ثمار الزيتون
• إحراق الممتلكات
• الاعتداء الجسدي على المزارعين
و وفقًا لمنظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية، تم توثيق أكثر من 400 اعتداء على المزارعين الفلسطينيين خلال موسمي الزيتون الماضيين، معظمها في محافظات نابلس، رام اللّٰـه، سلفيت، وجنين، وهي مناطق محاطة بكثافة بالمستوطنات والبؤر العشوائية.
* شجرة الزيتون ... من رمز للسلام إلى هدف للهجمات
لطالما شكّلت شجرة الزيتون رمزًا للسلام والجذور والصمود في الثقافة الفلسطينية ،
ومع ذلك، فقد أصبحت هدفاً مباشراً في هذا الصراع.
تشير بيانات وزارة الزراعة الفلسطينية إلى :
• اقتلاع أو حرق أكثر من 2.5 مليون شجرة زيتون منذ عام 2000.
• خسائر سنوية تتجاوز 20 مليون دولار نتيجة الاعتداءات، تشمل خسارة المحصول وتدمير البنية الزراعية.
* موسم تحت التهديد ... والرزق في مهب الخطر
يُعد الزيتون ركيزة أساسية للاقتصاد الريفي الفلسطيني، إذ يعتمد عليه حوالي 80 ألف مزارع كمصدر دخل أساسي.
وتشير التقديرات إلى أن الضفة الغربية تنتج نحو 10 آلاف طن من زيت الزيتون سنويًا، يُخصص جزء كبير منه للتصدير.
إلا أن هذا الموسم، الذي من المفترض أن يكون موسم الرزق والتعاون العائلي، بات محفوفًا بالمخاطر، خاصة في القرى المحاذية للمستوطنات، حيث يُمنع المزارعون أحيانًا من الوصول إلى أراضيهم إلا بتنسيق مع الجيش الإسرائيلي.
مزارعون محليون أكدوا أن الاعتداءات لم تعد مجرد أحداث موسمية، بل تحوّلت إلى "سياسة ممنهجة" تهدف لدفعهم إلى التخلي عن أراضيهم، من خلال الترهيب والتخريب المتعمد.
* دعوات لحماية دولية وردع المعتدين
وسط هذا التصعيد، جددت منظمات فلسطينية وإسرائيلية مطالبتها للمجتمع الدولي بالتدخل لوقف هذه الهجمات.
و دعت وزارة الخارجية الفلسطينية الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى :
• تحمل مسؤولياتهم القانونية والإنسانية
• توفير الحماية الدولية للمزارعين والمدنيين
• محاسبة المعتدين و وقف الإفلات من العقاب
وأكدت الوزارة أن استمرار هذه الانتهاكات "يقوض فرص الاستقرار في المنطقة ويهدد العملية الزراعية بالكامل".
من جانبها، عبّرت منظمات إسرائيلية مناهضة للاستيطان مثل "سلام الآن" عن قلقها الشديد من تصاعد عنف المستوطنين وتراجع الردع الحكومي ضدهم.
* رغم التهديدات ... المزارعون يواصلون الحصاد
و رغم التهديدات اليومية، يصر المزارعون الفلسطينيون على جمع محاصيلهم وحماية أراضيهم، مؤكدين أن شجرة الزيتون بالنسبة لهم أكثر من مصدر للرزق ؛
إنها رمز للانتماء والتاريخ والصمود.
وفي وجه الحرائق والتجريف والرصاص، تستمر شجرة الزيتون شامخة، شاهدة على معركة يومية بين أصحاب الأرض ومن يسعون لانتزاعها.