في خطوة مفاجئة وغير معتادة، دعت وزارة الدفاع الأميركية كبار القادة العسكريين من جميع أنحاء العالم إلى اجتماع عاجل في قاعدة "كوانتيكو" العسكرية بولاية فرجينيا، دون الإعلان رسمياً عن أسباب هذا التجمع رفيع المستوى، الأمر الذي أثار تساؤلات واسعة وتكهنات خطيرة حول ما يجري داخل أروقة "البنتاغون".
الاجتماع الذي يُعقد اليوم الثلاثاء، من المقرر أن يشارك فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، و وزير الدفاع بيت هيجسيث، بحضور مئات من الجنرالات والأدميرالات من مختلف مناطق التمركز الأميركي حول العالم، بما في ذلك مناطق النزاع الساخنة في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.
و رغم أن الاجتماعات بين القادة العسكريين والمدنيين ليست جديدة، إلا أن حجم الاجتماع، وسرعة الدعوة إليه، والغموض الذي يحيط بجدول أعماله، دفعت العديد من المراقبين والخبراء إلى دق ناقوس القلق، وطرح أسئلة حول أهدافه الحقيقية، خاصة في ظل التوترات الداخلية والخارجية المتصاعدة.
* "وزارة الحرب" .. لا وزارة دفاع ؟
يأتي هذا التطور بعد سلسلة قرارات اتخذها وزير الدفاع بيت هيجسيث مؤخراً، والتي وصفت بأنها صادمة وغير مسبوقة، أبرزها خفض عدد الضباط من رتبة جنرال، وإقالة قادة عسكريين كبار دون توضيحات رسمية.
كما عُرف هيجسيث بتشديده على تعزيز "الفعالية القتالية" و "روح المحارب"، في خطاب يعكس تحولاً حاداً في عقيدة وزارة الدفاع التي باتت توصف لدى البعض بـ "وزارة الحرب".
ويُذكر أن هذه التحركات تأتي في وقت حرج داخلي، حيث تواجه الحكومة الفيدرالية خطر الإغلاق خلال هذا الأسبوع، ما يضيف مزيداً من التعقيد للمشهد السياسي والعسكري الأميركي.
* لماذا الاجتماع وجهاً لوجه ؟
من جانبه، قال مارك كانسيان الكولونيل المتقاعد في مشاة البحرية والمستشار في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن اللقاء ربما يهدف إلى إطلاع الجنرالات على رؤية وزير الدفاع لتنظيم الوزارة وخططه الاستراتيجية، لكنه أبدى استغرابه من توقيته، قائلاً :
"ما يبعث على الحيرة هو سبب الإعلان عنه بفترة قصيرة جداً، ولماذا يُصرّ على انعقاده بالحضور الشخصي، في حين يمكن تنفيذه بسهولة افتراضياً. هذا يثير تساؤلات عن الرسائل التي يراد إيصالها".
* مخاوف وفرضيات
وسط حالة الترقب والسرية المحيطة بالاجتماع، تطرح وسائل إعلام أميركية وخبراء استراتيجيون فرضيات متعددة، منها احتمال إعلان تغير جذري في العقيدة العسكرية، أو التحضير لتحركات كبيرة في بعض المناطق الساخنة، أو حتى إعادة هيكلة القيادة العسكرية العليا في البلاد.
ويبقى المؤكد حتى الآن أن هذا الاجتماع العسكري "الوجاهي" بهذا الحجم والتوقيت والغموض، لم يكن مجرد لقاء اعتيادي، بل يحمل في طياته شيئاً أكبر، ما زال ينتظر الكشف عنه في الساعات أو الأيام المقبلة.