رسوم جمركية كسلاح جيوسياسي في الحرب الأوكرانية

الرؤية الأمريكية الجديدة تعتمد على خنق التمويل غير المباشر للجهود الحربية الروسية من خلال استهداف الشراكات الاقتصادية الحيوية. المسؤولون الأمريكيون أكدوا استعداد واشنطن "لمطابقة" أي تعريفات يفرضها الأوروبيون، مما قد يؤدي إلى حرب تجارية شاملة مع ثاني وثالث أكبر اقتصادات في آسيا.
هذه الخطوة تأتي في وقت حرج، حيث تشهد أوكرانيا أعنف موجة قصف جوي منذ بدء الحرب، مع استخدام روسيا ما لا يقل عن 810 طائرات مسيرة و13 صاروخاً في هجمات متزامنة. التصعيد العسكري الروسي يقابله تصعيد اقتصادي غربي، في معادلة تعكس تعقيد الأزمة وتشابك أدوات المواجهة.
الرد الصيني كان سريعاً وحاسماً، حيث نفت بكين أي دور لها في الأزمة الأوكرانية، واعتبرت الرسوم المقترحة "ضغوطاً اقتصادية غير مقبولة". هذا الموقف يضع الاتحاد الأوروبي في مأزق، بين الرغبة في زيادة الضغط على روسيا والخوف من تداعيات حرب تجارية مع الصين.
المفارقة تكمن في التوقيت، حيث يأتي طلب ترامب بعد أيام فقط من قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي عززت التحالف بين بوتين وشي جين بينغ ومودي. هذه التحركات تعكس تحولاً في الاستراتيجيات الجيوسياسية، حيث تتحول الحرب في أوكرانيا إلى حرب بالوكالة بين محورين اقتصاديين.
العلاقات الأمريكية الهندية تشهد هي الأخرى تحولاً ملحوظاً، حيث أعرب ترامب عن تفاؤله بشأن المحادثات التجارية مع نيودلهي، بينما وصف مودي العلاقات الثنائية بأنها "صداقة وثيقة". هذه الإشارات التصالحية قد تمهد الطريق لتفاهم جديد حول ملف النفط الروسي، الذي لا تزال الهند من أكبر مستورديه.
التحدي الأكبر يبقى في مدى استعداد الاتحاد الأوروبي لتبني هذه الاستراتيجية الأمريكية الجذرية. فرض رسوم جمركية بهذا الحجم سيكون له تداعيات اقتصادية كبيرة على الاقتصادات الأوروبية التي لا تزال تعتمد على روسيا في 19% من وارداتها من الغاز الطبيعي.
هذه الخطوة تمثل مقامرة كبرى لإدارة ترامب، التي تسعى لتحقيق نصر دبلوماسي في أوكرانيا قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة. النجاح سيعتمد على قدرة الغرب على تحمل تكاليف حرب اقتصادية متعددة الجبهات، وفعالية الضغط الاقتصادي في إجبار بوتين على طاولة المفاوضات.