العودة الطوعية للاجئين السوريين.. الفرق بين دول الجوار وأوروبا

في المقابل، تظهر البيانات الأوروبية صورة مختلفة. ففي ألمانيا، التي تستضيف عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين، لم يغادر البلاد سوى 1867 شخصاً حتى نهاية أغسطس الماضي بتمويل حكومي. هذا الرقم المتواضع يعكس تعقيد قرار العودة للاجئين في أوروبا، خاصة مع حصول أكثر من 83 ألف سوري على الجنسية الألمانية عام 2024، مما يخلق روابط قانونية واجتماعية جديدة.
العودة إلى سوريا لا تزال تواجه تحديات جسيمة، رغم التحسن النسبي في الأوضاع الأمنية بعد سقوط نظام الأسد. تقارير ميدانية تشير إلى تناقض صارخ بين الاستقرار النسبي في بعض المناطق مثل دمشق الوسطى، والدمار الواسع والصعوبات المعيشية في مناطق أخرى. هذا التباين يجعل قرار العودة خياراً صعباً للعائلات، خاصة تلك التي تبحث عن استقرار دائم لأطفالها.
من جهة أخرى، تستمر تدفقات اللجوء الجديدة، حيث قدم ما يقارب 17 ألفاً و650 سورياً طلبات لجوء جديدة في ألمانيا خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2025. هذه الأرقام تذكرنا بأن الأزمة السورية، رغم كل التطورات، لم تنته تماماً بعد.
الملف السوري يبدو وكأنه يدخل مرحلة جديدة، حيث تتحول الأولوية من تقديم المساعدات الإنسانية إلى دعم إعادة الإعمار والعودة الطوعية. لكن نجاح هذه المرحلة سيعتمد على عوامل معقدة، ليس أقلها استمرار تحسن الأوضاع الأمنية، وتوفر الدعم الدولي لإعادة الإعمار، وقدرة الاقتصاد السوري المنهك على استيعاب العائدين.