القارة العجوز تواجه "أزمة أدوية مزمنة".. إنتاج خارجي وأسعار متفاوتة يهددان الأمن الصحي
12 أكتوبر 202595 مشاهدةوقت القراءة: 2 دقيقة

حجم الخط:
16
تتصاعد في القارة الأوروبية موجة من نقص الأدوية الأساسية، لتتحول إلى أزمة صحية متكررة تهدد استقرار أنظمة الرعاية. وتعد بلجيكا من أكثر الدول تضرراً، حيث يشكو الصيادلة من فقدان عشرات الأصناف الحيوية في وقت واحد، ما يدفعهم لقضاء ساعات يومياً في محاولات تأمين الأدوية والاعتذار للمرضى.
ويقول الصيدلاني البلجيكي ديدييه رونسين: "لم يعد الأمر يقتصر على دواء أو اثنين، بل عشرات المفقودة في الوقت ذاته، ما يستنزف طاقتنا وجهودنا".
جذور الأزمة: إنتاج خارجي وتبعية مقلقة
يشير ديوان المحاسبة الأوروبي إلى أن جذور الأزمة تكمن في اعتماد أوروبا المتزايد على الموردين الآسيويين، حيث يُنتج نحو 70% من المكونات الدوائية الفعالة و79% من المواد الكيميائية الأولية خارج القارة، خصوصاً في دول منخفضة التكلفة.
ويشمل هذا الاعتماد حتى الأدوية الشائعة مثل الباراسيتامول والإيبوبروفين والمضادات الحيوية، مما يجعل سلاسل التوريد عرضة للاضطرابات العالمية وأزمات النقل أو التصنيع.
تفاوت الأسعار يخلق خللاً في التوزيع
تفاقم الأزمة فروقات الأسعار بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إذ يتفاوض كل بلد بشكل مستقل مع الشركات المنتجة.
ويقول أوليفييه ديلير، مدير شركة توزيع الأدوية "فيبيلكو"، إن الشركات "تفضل التوريد للدول التي تدفع أكثر"، مما يخلق نقصاً في الدول ذات الأسعار المنخفضة.
كما تعيق القيود التنظيمية والتعبئة المختلفة بين الدول عملية التوزيع داخل القارة، بحيث قد يتوافر الدواء في دولة ويغيب تماماً عن جارتها.
ضغط متزايد على الصيادلة والمرافق الصحية
تُظهر بيانات المجموعة الصيدلانية للاتحاد الأوروبي (PGEU) أن الصيادلة في عام 2024 قضوا 11 ساعة أسبوعياً في معالجة مشاكل النقص، أي ثلاثة أضعاف ما كان عليه الوضع قبل عقد من الزمن، ما خلق عبئاً مهنياً وإدارياً هائلاً.
ويعاني المرضى من تأخير في تلقي العلاجات، خصوصاً لمن يحتاجون إلى أدوية مزمنة أو طارئة، ما يزيد من التوتر والضغط داخل الأنظمة الصحية.
استجابات أوروبية بطيئة وحلول مؤجلة
رغم إدراك الاتحاد الأوروبي لخطورة الوضع، فإن الإجراءات لا تزال في طور النقاش.
ففي مارس الماضي، اقترحت المفوضية الأوروبية قانوناً لتشجيع إنتاج الأدوية الأساسية داخل القارة عبر حوافز مالية، تلاه في يوليو إطلاق "استراتيجية الإمداد الدوائي" لتنسيق المخزونات وبناء احتياطيات للطوارئ.
غير أن هذه الخطط تحتاج إلى موافقة البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء، وهي عملية قد تستغرق أشهراً وربما سنوات قبل دخولها حيّز التنفيذ.
أمن صحي على المحك
تتفق التقارير على أن أزمة الدواء الأوروبية لم تعد ظرفية، بل تحوّلت إلى تهديد بنيوي للأمن الصحي في القارة.
ويرى الخبراء أن الحل الجذري يكمن في استعادة جزء من الإنتاج الصناعي داخل أوروبا وتقليص الاعتماد على الخارج، إلى جانب توحيد السياسات السعرية والرقابية بين الدول الأعضاء.