تطبيق ماكس الروسي : هل هو بديل حقيقي لواتساب وتيليغرام ؟
8 سبتمبر 2025204 مشاهدةوقت القراءة: 4 دقيقة

حجم الخط:
16
في خطوة تؤكد سعي موسكو لتعزيز سيطرتها الرقمية، أطلقت السلطات الروسية رسمياً تطبيق المراسلة الجديد "ماكس"، الذي يُروَّج له كـ "المرسِل الوطني"، ليكون البديل المحلي للتطبيقات العالمية مثل واتساب وتيليغرام، بل ويتجاوزها بطموحات إلى أن يتحول إلى منصة شاملة على غرار تطبيق "وي تشات" الصيني.
* انطلاقة رسمية من الكرملين
اليوم الإثنين، أعلن الكرملين عن إطلاق صفحته الرسمية على تطبيق "ماكس"، حيث جاء في أول منشور للقناة الرسمية للرئيس الروسي :
"مرحباً بكم، لدينا أخبار جيدة، يسرنا أن نعلمكم عن بدء عمل القناة الرسمية للرئيس الروسي في تطبيق 'ماكس'، نأمل أن تكون المعلومات حول الأنشطة اليومية لرئيس الدولة مثيرة للاهتمام بالنسبة لكم".
* من فشل سابق إلى مشروع وطني
قصة "ماكس" بدأت فعلياً في مايو 2022، عندما طرحت شركة "في_كي" VK الروسية نسخة أولى من تطبيق مراسلة خاص بها، لكنه فشل في جذب قاعدة مستخدمين واسعة.
لكن في عام 2024، بدأت الشركة بتطوير تطبيق جديد كلياً ومستقل عن منصة VK، كما ورد في ويكيبيديا.
وفي 25 مارس 2025، أعلنت الشركة عبر صحيفة "فيدوموستي" عن إطلاق النسخة التجريبية من "ماكس"، مؤكدة أنه يتضمن خصائص متعددة تشمل :
• المراسلة الفورية
• أنظمة دفع مدمجة مع بنكي VTB وألفا بنك
• أدوات أعمال لتطوير تطبيقات مصغّرة و روبوتات دردشة
وبعد يوم واحد فقط، أصبح التطبيق متاحاً للتحميل على المتاجر الرقمية.
* من تطبيق إلى سياسة دولة
في 4 يونيو 2025، أعلن وزير التنمية الرقمية مكسوت شاداييف خلال اجتماع حكومي مع الرئيس فلاديمير بوتين أن "ماكس" سيُعتمد رسمياً كـ "تطبيق وطني"، مستشهداً بتجارب مماثلة في دول مثل :
_ لاين (LINE) في اليابان
_ كاكاو توك (KakaoTalk) في كوريا الجنوبية
_ زالو (Zalo) في فيتنام
_ وي تشات (WeChat) في الصين
ولم تتأخر الإجراءات الرسمية، فـ بتاريخ 24 يونيو 2025، صادق البرلمان على قانون يُلزم بتثبيت "ماكس" مسبقاً على جميع الأجهزة المحمولة المباعة في روسيا بدءاً من 1 سبتمبر الجاري.
كما أعلنت السيناتور أولغا ييبفانوفا أن التطبيق سيتكامل مستقبلاً مع منصة "غوسوسلوغي"، وهي المنصة الرسمية للخدمات الحكومية الرقمية.
* ترويج واسع .. وتأثير المؤثّرين
بالتوازي مع الخطوات الحكومية، كثّفت الدولة حملات الترويج للتطبيق.
فإلى جانب القنوات الرسمية، استعانت السلطات بـ مؤثرين مقرّبين من الكرملين، أبرزهم مغنية البوب "إنستاسامكا"، التي ظهرت في فيديو ترويجي تقول فيه :
"اندهشت لأن التطبيق يبقى متصلاً حتى داخل موقف سيارات !"
وذلك بحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست.
* مشاكل فنية .. وتقييمات مثيرة للجدل
رغم كل الزخم الإعلامي، بدا "ماكس" في بداياته كنسخة غير مكتملة ؛ إذ يفتقر لميزات أساسية مثل القنوات العامة الموجودة في تيليغرام.
وعلى متجر غوغل بلاي، حصل التطبيق في البداية على تقييم ضعيف ( 1 من 5 )، قبل أن يرتفع فجأة إلى 4.4 نجوم، وسط تقارير صحفية عن نشاط "بوتات" أو حسابات آلية ساعدت في رفع التقييم.
مع ذلك، أعلنت الشركة المطورة أن عدد مستخدمي التطبيق وصل إلى 18 مليون مستخدم بحلول سبتمبر الجاري، بحسب ويكيبيديا.
* طموح صيني .. ومخاوف من المراقبة
تسعى روسيا إلى تحويل "ماكس" إلى منصة رقمية شاملة، على غرار "وي تشات" الصيني، بدمج المراسلة مع الخدمات الحكومية والتجارة الإلكترونية، مع خطط لربطه في عام 2026 بـ :
• نظام الدفع الرقمي المحلي
• منصة غوسوسلوغي
لكن هذا التوجه يثير قلقاً واسعاً بين الخبراء والحقوقيين، حيث يُحذر كثيرون من أن التطبيق قد يُستخدم أداةً مركزية للمراقبة الشاملة وجمع البيانات الشخصية.
ويزيد من هذه المخاوف إقرار قانون جديد يفرض غرامات مالية على المستخدمين لمجرد "البحث المتعمد" عن محتوى محظور على الإنترنت، في سابقة اعتُبرت تحولاً في استهداف المستخدمين بدلاً من المنتجين للمحتوى.
* سياق أوسع : تضييق على المنصات الأجنبية
إطلاق "ماكس" ليس معزولاً عن السياسة الرقمية لموسكو، بل يأتي ضمن حملة موسعة ضد المنصات الغربية.
فقد تم بالفعل حظر أو تقييد تطبيقات مثل واتساب وتيليغرام، بينما سبقها إلى الحظر منصات كبرى مثل :
يوتيوب _ إكس ( تويتر سابقاً ) _ فيسبوك _ إنستغرام.
تطبيق "ماكس" ليس مجرد أداة مراسلة جديدة، بل هو مشروع استراتيجي روسي يجمع بين الاتصال، والخدمات الرقمية، والمراقبة المحتملة، وسط دعم حكومي واضح وطموحات عالية ، لكنه أيضاً يثير مخاوف متصاعدة حول الحريات الرقمية في روسيا.
هل سينجح "ماكس" في فرض نفسه محلياً و ربما إقليمياً ؟ ، أم سيكون مصيره كمصير سابقيه في ظل رقابة الدولة المتزايدة ؟
الوقت كفيل بالإجابة.