لأول مرة في التاريخ : ناسا ترصد انفجارات أشعة غاما تتكرر من نفس المصدر !
10 سبتمبر 2025119 مشاهدةوقت القراءة: 3 دقيقة

حجم الخط:
16
في ظاهرة كونية غير مسبوقة حيّرت علماء الفلك حول العالم، تم رصد سلسلة من انفجارات أشعة غاما _وهي أقوى أنواع الانفجارات المعروفة في الكون_ تنبعث من نفس المصدر خلال يوم واحد فقط، وهو أمر يتحدى كافة الفرضيات والنماذج العلمية القائمة.
الحدث، الذي أُعلن عنه في بيان رسمي صادر عن المرصد الأوروبي الجنوبي، وُصف بأنه "غير مسبوق" في تاريخ علم الفلك الحديث، إذ أن انفجارات أشعة غاما (GRBs) المعروفة تحدث مرة واحدة فقط من كل مصدر، نظراً لأنها تنتج عن أحداث مدمرة لا تتكرر، مثل انفجار نجم ضخم أو ابتلاعه بواسطة ثقب أسود.
لكن ما حدث في صيف هذا العام أدهش العلماء ؛
ففي الثاني من يوليو، رصد تلسكوب "فيرمي" الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأميركية ( ناسا ) ثلاث ومضات متتالية من أشعة غاما، صادرة من نفس الموقع في السماء خلال بضع ساعات فقط.
وبعد تحليل البيانات، اكتشف العلماء أن المصدر ذاته أظهر نشاطاً إشعاعياً قبلها بيوم تقريباً، بناءً على بيانات جمعها تلسكوب "أينشتاين"، المختص برصد الأشعة السينية، والذي تديره الصين بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية ومعهد ماكس بلانك الألماني.
الظاهرة لم تكن مجرد تكرار نادر، بل كانت أيضاً شديدة الطاقة وطويلة الأمد ، فقد أكد عالم الفلك أندرو ليفان من جامعة رادبود في هولندا أن هذه الإشارة استمرت "بين 100 إلى 1000 مرة أطول" من أغلب انفجارات أشعة غاما المعروفة، مما يزيد من غموضها ويجعل تفسيرها أكثر تعقيداً.
في البداية، اعتقد العلماء أن الانفجارات قد تكون حدثت داخل مجرة درب التبانة، وهو ما كان سيجعل الحدث أقرب إلينا بكثير، وبالتالي أقل غرابة.
لكن باستخدام التلسكوب العملاق "VLT" في صحراء أتاكاما بتشيلي، تمكن الباحثون من تحديد أن المصدر ربما يقع في مجرة أخرى، على بُعد مليارات السنين الضوئية.
هذه الفرضية تم تأكيدها لاحقاً من خلال تلسكوب "هابل" الفضائي.
هذه المسافة الهائلة تعني أن كمية الطاقة المنبعثة من الحدث كانت هائلة بشكل غير معتاد، و ربما تفوق أي انفجار كوني تم توثيقه من قبل.
الدكتور أنتونيو مارتن _ كاريلو من كلية دبلن الجامعية في إيرلندا، أحد المشاركين في الدراسة المنشورة في مجلة The Astrophysical Journal Letters، علّق على الظاهرة قائلاً :
"نظرياً، من المستحيل أن يتكرر انفجار أشعة غاما من نفس المصدر، لأن الحدث الذي ينتجه عادة ما يكون مدمراً ونهائياً. ما رأيناه هذا الصيف يخالف هذه القاعدة تماماً، ويجعله فريداً من نوعه مقارنة بأي شيء رصدناه خلال الخمسين عاماً الماضية".
أما عن تفسير الحدث، فلا يزال العلماء حائرين ، بعض السيناريوهات المطروحة تشمل انهياراً غير معتاد لنجم ضخم جداً، أو ربما تدميراً كاملاً لنجم غريب بواسطة ثقب أسود أكثر غرابة.
لكن حتى الآن، لا يوجد تفسير نهائي أو نموذج علمي قادر على احتواء هذا الحدث ضمن الفهم الحالي للفيزياء الفلكية.
هذا الاكتشاف المذهل يفتح الباب أمام إعادة النظر في الكثير من المفاهيم المتعلقة بالموت النجمي والثقوب السوداء والطاقة الكونية، و ربما يكشف عن أنواع جديدة من الأجسام الفلكية أو العمليات الفيزيائية التي لم تكن معروفة من قبل.
العلماء في سباق مع الزمن لفهم ما حدث، إذ أن هذه الإشارات القادمة من أعماق الكون قد تحمل في طياتها أسراراً قادرة على تغيير نظرتنا إلى طبيعة الكون ذاته.