"نفق القدس": رسالة أميركية صادمة وتكريس لشرعية الاحتلال
15 سبتمبر 202574 مشاهدةوقت القراءة: 2 دقيقة

حجم الخط:
16
أثارت مشاركة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في افتتاح "نفق القدس" تحت البلدة القديمة برفقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عاصفة من الجدل السياسي والقانوني، لتكشف الخطوة عن تحول خطير في الموقف الأميركي تجاه القدس، وتفتح الباب أمام تساؤلات عميقة عن سر التوقيت والمغزى الحقيقي وراء هذه المشاركة.
النفق الممتد من حي وادي حلوة في سلوان حتى أساسات حائط البراق ليس مجرد مشروع إنشائي، بل جزء من استراتيجية إسرائيلية مستمرة تهدف إلى إعادة تشكيل هوية القدس وفرض سيطرة مطلقة على محيط المسجد الأقصى.
وقد وصف اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات المصري الأسبق، هذا التدشين بأنه "انتهاك صارخ للقانون الدولي" وانحياز فج لسياسات الاحتلال، مستشهداً بقرارات مجلس الأمن التي تؤكد أن القدس الشرقية أرض محتلة، وعلى رأسها القرار 478 لعام 1980 الذي أبطل ضم إسرائيل للمدينة.
المفارقة أن مشاركة وزير خارجية أكبر قوة في العالم، ليست مجرد مجاملة دبلوماسية، بل إشارة سياسية محسوبة: رسالة دعم أميركي لإسرائيل في أكثر الملفات حساسية، وإقرار ضمني بالمشاريع التي تستهدف تغيير الوضع القانوني والتاريخي للقدس ، وهنا يكمن جوهر الخطورة؛ إذ أن هذه الخطوة تضفي غطاءً دولياً على مشروع تهويد الأقصى، وتمنح نتنياهو دفعة سياسية داخلية لمواصلة أجندته التوسعية.
التحليل الأمني المصري أشار بوضوح إلى أن هذه المشاركة ليست حدثاً معزولاً، بل مقدمة لمنح نتنياهو شرعية أميركية صريحة للتفكير بضم أجزاء من الضفة الغربية، انسجاماً مع حلم "إسرائيل الكبرى" الذي يروج له اليمين المتشدد. فالدعم السياسي يتجاوز القدس ليطال إعادة صياغة الخريطة الجيوسياسية برمتها.
إن حضور روبيو في افتتاح النفق يمثل تحولاً نوعياً في أدوات الصراع: من مجرد حماية واشنطن لإسرائيل في المؤسسات الدولية، إلى مشاركة فعلية في مشاريعها الميدانية المثيرة للجدل. وهذا يضع الولايات المتحدة في مواجهة مباشرة مع القانون الدولي ومع الشارع العربي والإسلامي الذي يرى في الأقصى رمزاً عقائدياً وتاريخياً لا يقبل المساومة.