الاعتراف بدولة فلسطين: بين الزخم الدبلوماسي والواقع الاقتصادي

جاءت هذه الموجة من الاعترافات خلال أعمال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أعلنت 11 دولة منها بريطانيا وأستراليا وكندا وفرنسا عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين. هذه الخطوات تعكس تحولاً في الموقف الدولي الذي بدأ يتجه نحو تعزيز الحقوق الفلسطينية بعد سنوات من الجمود.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو مدى تأثير هذه الاعترافات على الواقع الاقتصادي للشعب الفلسطيني من جهة، وعلى الاقتصاد الإسرائيلي من جهة أخرى. يرى خبراء اقتصاديون أن هذه الخطوات تبقى ذات تأثير محدود على الأرض في المدى القريب، رغم أهميتها السياسية والدبلوماسية الكبيرة.
فالاقتصاد الفلسطيني لا يزال يعاني من تبعية شبه كاملة للاقتصاد الإسرائيلي، حيث تتحكم إسرائيل بالمعابر والحدود والموارد الطبيعية، وتفرض العملة الإسرائيلية كعملة متداولة. هذا الواقع يجعل من الصعب تحويل الاعترافات الدبلوماسية إلى مكاسب اقتصادية ملموسة، رغم إمكانية مساهمتها في تعزيز المساعدات الدولية وتحسين وضع المؤسسات الفلسطينية في المنظومة المالية العالمية.
في المقابل، يبدو أن التأثير الأكبر سيكون على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث قد تؤدي هذه الاعترافات إلى تعميق العزلة الدولية لإسرائيل وفتح الباب أمام فرض عقوبات اقتصادية. فقد بدأت بعض القطاعات الإسرائيلية مثل التشييد والبناء بالشعور بالتبعات، مع اتجاه الشركات الإسرائيلية للاستثمار في الخارج بدلاً من الداخل.
الواقع يشير إلى أن هذه الاعترافات تمثل ضغطاً دبلوماسياً متصاعداً على إسرائيل، لكن فعاليتها تبقى مرهونة بقدرة المجتمع الدولي على تحويلها من مواقف رمزية إلى إجراءات عملية. فالدول المعترفة، خاصة الأوروبية منها، لا تزال تربطها بإسرائيل علاقات اقتصادية قوية، حيث يُعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل.
بينما تمثل موجة الاعترافات بدولة فلسطين انتصاراً دبلوماسياً للقضية الفلسطينية، فإن تحويل هذا الزخم إلى واقع ملموس على الأرض يتطلب أكثر من مجرد اعترافات دبلوماسية. فهو يحتاج إلى إرادة دولية حقيقية لمواجهة السياسات الإسرائيلية، وإلى إصلاحات داخلية فلسطينية تعزز قدرة الاقتصاد على الصمود في وجه التحديات.