تريليون دولار.. أوبن إيه آي توقع صفقات حوسبة طموحة تثير تساؤلات حول قدرتها المالية

في خطوة جريئة تثير التساؤلات حول حدود نمو الذكاء الاصطناعي وتمويله، أبرمت شركة "أوبن إيه آي" حزمة اتفاقيات لتأمين القدرة الحاسوبية تُقدر قيمتها الإجمالية بحوالي تريليون دولار، متجاوزة بذلك حجم إيراداتها الحالي بكثير.
تدفقت الصفقات الواحدة تلو الأخرى، حيث أعلنت يوم الاثنين عن أحدثها مع شركة "إيه إم دي" لتصنيع الرقائق، لتتبع بذلك اتفاقيات سابقة مع عمالقة التكنولوجيا "إنفيديا" و"أوراكل" و"كور ويف". وجميعها تهدف إلى سد الحاجة المتسارعة للطاقة الحاسوبية اللازمة لتشغيل خدماتها الذكية مثل "تشات جي بي تي".
وبحسب تقديرات مسؤولي "أوبن إيه آي" التي أوردتها صحيفة "فايننشال تايمز"، فإن هذه الاتفاقات ستوفر للشركة أكثر من 20 غيغاواط من القدرة الحاسوبية خلال العقد المقبل، وهو ما يعادل إنتاج 20 مفاعلاً نووياً. وتكلفة هذا المشروع الضخم تقترب من تريليون دولار، استناداً إلى أن نشر كل غيغاواط من قدرات الحوسبة المخصصة للذكاء الاصطناعي يكلف حوالي 50 مليار دولار بأسعار اليوم.
ولتمويل هذه الالتزامات غير المسبوقة، تبنت "أوبن إيه آي" وهؤلاء الشركاء استراتيجيات تمويلية معقدة ومبتكرة. فبينما تخطط "إنفيديا" لاستثمار 100 مليار دولار في "أوبن إيه آي" خلال العقد المقبل، منحت "إيه إم دي" الشركة ضمانات تتيح لها شراء حصة تصل إلى 10% من أسهمها بسعر رمزي، وذلك مقابل تحقيق أهداف أداء محددة.
وصفت الرئيسة التنفيذية لـ "إيه إم دي"، ليزا سو، هذا الهيكل بقولها: "إنه هيكل مبتكر للغاية، ولم يتم التوصل إليه بسهولة".
على الرغم من التفاؤل الذي غمر أسواق التكنولوجيا، حيث قفزت القيمة السوقية لشركة "أوراكل" بمقدار 244 مليار دولار بعد إعلان الصفقة، وارتفعت أسهم "إيه إم دي" بما يعادل 63 مليار دولار، إلا أن هذه الخطوة أثارت قلق المحللين.
فقد حذر غيل لوريا، المحلل في شركة "دي إيه ديفيدسون"، من أن "أوبن إيه آي ليست في وضعٍ يسمح لها بتقديم مثل هذه الالتزامات"، متوقعاً أن تصل خسائر الشركة هذا العام إلى نحو 10 مليارات دولار.
ورأى لوريا في هذه الخطوة تجسيداً لثقافة "وادي السيليكون" القائمة على شعار "تظاهرْ حتى تنجح"، مشيراً إلى أن "الآن أصبحت شركاتٌ كبرى متورطة بعمق في رهانها على أوبن إيه آي".
تواجه "أوبن إيه آي"، التي تُقدّر قيمتها حالياً بنحو 500 مليار دولار، تحديات تمويلية هائلة. فبالإضافة إلى الاعتماد على استثمارات رأس المال الجريء التي جمعت منها حوالي 47 مليار دولار خلال السنة الماضية، تلجأ الشركة الآن إلى أسواق الدَّين لتمويل خططها التوسعية.
لكن هذا النمو المتسارع أثار تحذيرات من وكالات التصنيف الائتماني مثل "موديز"، التي نبهت إلى المخاطر الناجمة عن اعتماد أعمال شركاء "أوبن إيه آي" على مسار الشركة غير المؤكد نحو تحقيق الأرباح.
وفي خضم هذا السباق المحموم، تبرز أسئلة مصيرية حول قدرة "أوبن إيه آي" على تحويل استثماراتها الضخمة إلى نموذج أعمال مستدام، في وقتٍ يبدو فيه أن كبرى شركات التكنولوجيا في العالم قد رهنت جزءاً من مستقبلها على هذه المغامرة.