سياسات الهجرة تضع القوى الاقتصادية على محك المنافسة

في المقابل، سارعت بريطانيا إلى استغلال هذه الفرصة، حيث أعلنت وزيرة المالية راشيل ريفز عن خطة لمواجهة السياسات الأمريكية عبر تسهيل إجراءات الهجرة للعقول العالمية. وجاء تصريحها خلال افتتاح المقر العالمي الجديد لشركة "ريفولت" في لندن، مؤكدةً أن بريطانيا تسعى لجعل لندن مركزاً جاذباً للمواهب العالمية.
أما كندا، فقد بدت مستعدة لالتقاط الفرصة، حيث أشار رئيس الوزراء مارك كارني إلى نية بلاده للاستفادة من التغير في السياسات الأمريكية. وتشير التجارب التاريخية إلى أن كندا استفادت سابقاً من تشديد سياسات الهجرة الأمريكية، حيث شهدت زيادة ملحوظة في تدفق الكفاءات خلال الفترات السابقة.
لكن التحديات لا تخلو من تعقيدات، فكندا تواجه جدلاً داخلياً حول سياسات الهجرة، كما أن الأجور فيها تقل عن نظيرتها الأمريكية. وفي بريطانيا، يتزامن الانفتاح على المواهب العالمية مع تحديات ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.
هذه التحولات تثير أسئلة عميقة حول مستقبل اقتصاد المعرفة العالمي. فمن ناحية، تهدد السياسات الأمريكية بتقويض أحد أهم أركان تفوقها التكنولوجي، ومن ناحية أخرى، تسعى القوى الاقتصادية الأخرى لملء الفراغ المحتمل.
يتجاوز السباق على العقول المسألة الاقتصادية ليشمل قضايا الهوية الوطنية والتأثير الجيوسياسي. فالقدرة على جذب المواهب العالمية أصبحت مؤشراً على القوة الناعمة للدول، ومقياساً لمرونة اقتصاداتها في عصر التقلبات العالمية.
يبقى السؤال: هل ستنجح الدول المنافسة في تحويل هذه الفرصة المؤقتة إلى مكاسب استراتيجية دائمة؟ الإجابة ستحددها قدرة هذه الدول على بناء أنظمة متكاملة تجمع بين جاذبية البيئة الاقتصادية ومرونة الأنظمة القانونية واستقرار المناخ الاجتماعي.