مصر تؤكد استعدادها لفيضان سد النهضة.. وخبراء: ما يحدث في السودان "فيضان صناعي"

في ظل التحذيرات السودانية من فيضانات محتملة بسبب التصريفات المرتفعة لسد النهضة الإثيوبي، يطمئن خبراء موارد مائية مصريون على الوضع الداخلي، مؤكدين أن السد العالي بمصر مجهز بالكامل لاستيعاب أي كميات مائية طارئة، حتى لو بلغت مليار متر مكعب يومياً.
وأعلنت وزارة الري السودانية حالة "الإنذار الأحمر" على طول نهر النيل، وسط مخاوف من فيضانات غير مسبوقة. ووفقاً للخبراء، فإن جذور الأزمة تعود بشكل مباشر إلى سد النهضة. وأوضح الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة في تصريح لموقع "العربية.نت" أن بحيرة سد النهضة، بعد اكتمال ملئها العام الماضي، فاضت من أعلاها بسبب عدم تشغيل التوربينات كما كان مُخططاً وعدم تفريغها تدريجياً لاستقبال مياه الأمطار.
وأضاف شراقي: "مع حلول موسم الأمطار في تموز الماضي، امتلأت بحيرة السد حتى فاضت المياه من أعلاها، ليتدفق يومياً ما يقارب 750 مليون متر مكعب نحو السودان". مشيراً إلى أن هذه الكميات تسببت في ارتفاع منسوب النيل في الخرطوم إلى 16.89 متر.
وشدد الدكتور شراقي على أن ما تشهده السودان الآن هو "فيضان صناعي" سببه المباشر سد النهضة، قائلاً: "الذي لم يحمِ السودان كما رُوّج في البداية، بل تسبب في ضياع الموسم الزراعي لهذا العام".
من ناحية أخرى، يرى الخبراء أن الموقف في مصر مختلف جذرياً بسبب وجود المنظومة المائية لبحيرة ناصر والسد العالي. وصرح الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة بأن "ما شهده السودان مؤخراً لا يتجاوز إعلان حالة استعداد قصوى، تحسباً لاحتمال حدوث فيضان"، موضحاً أن "المنسوب لا يزال أقل من مستوى الفيضان الكبير بنحو متر كامل، ما يعني أن الوضع لم يصل بعد إلى مرحلة الغرق كما يروج البعض".
وأكد نور الدين على قدرة السد العالي على حماية مصر، قائلاً: "السد العالي في مصر قادر على حماية البلاد بسعة تخزينية هائلة تبلغ 162 مليار متر مكعب، بالإضافة إلى البحيرات الجانبية الثلاث حول بحيرة ناصر بسعة إضافية قدرها 22 مليار متر مكعب، ومفيض توشكى القادر على تصريف أكثر من 20 مليار متر مكعب".
ولفت إلى آلية استباقية تضمن أمان مصر، موضحاً: "مصر تسحب قبل بدء موسم الفيضان نحو 55 مليار متر مكعب من مخزون البحيرة، وهو حجم استهلاكها السنوي، مما يوفر سعة إضافية لاستقبال أية كميات جديدة من المياه دون خطورة".
وفي سيناريو افتراضي متطرف، شدد الدكتور نور الدين على أنه "حتى في السيناريو الافتراضي لتفريغ كامل بحيرة السد الإثيوبي، فإن مصر لن تتأثر، نظراً لقدرة منظومة السد العالي على استيعاب هذه الكمية".
هذا الرأي أيده الدكتور عباس شراقي، مؤكداً أن "السد العالي قادر على استيعاب أية كميات إضافية من المياه، حتى لو وصلت إلى مليار متر مكعب يومياً، بفضل سعته الضخمة، مما يجعل الموقف المصري آمناً تماماً".