هيمنة الصين على المعادن النادرة: فخ استراتيجي أم واقع اقتصادي؟
1 سبتمبر 2025105 مشاهدةوقت القراءة: 2 دقيقة

حجم الخط:
16
في قاعة مؤتمرات شركة "رايزن للمعادن غير الحديدية" التابعة لمجموعة "تشاينا رير إيرث غروب"، يقف تشانغ شيغانغ بثقة ليتحدث عن هيمنة بلاده على سوق المعادن النادرة. تصريحاته لم تكن مجرد تفاخر، بل كانت تعكس واقعاً اقتصادياً تراكم على مدى ثلاثة عقود من التخطيط الاستراتيجي المدعوم حكومياً.
هذه الهيمنة لم تأتِ من فراغ. فالصين تسيطر اليوم على 70% من عمليات التعدين العالمية للمعادن النادرة، و90% من عمليات الفصل والمعالجة، و93% من صناعة المغناطيسات الدائمة التي تدخل في كل شيء من الهواتف الذكية إلى السيارات الكهربائية والطائرات المقاتلة.
لكن القصة الحقيقية تكمن في كيف وصلت الصين إلى هذه المكانة؟ الإجابة تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، عندما أطلق الزعيم الصيني الراحل دنغ شياو بينغ مقولته الشهيرة: "الشرق الأوسط لديه النفط، والصين لديها العناصر النادرة". منذ تلك اللحظة، بدأت استراتيجية منهجية قائمة على دعم الدولة وتحمّلها خسائر قصيرة الأجل لتحقيق مكاسب طويلة الأمد.
الأسعار المنخفضة التي فرضتها الصين لم تكن مجرد سياسة تسعيرية، بل كانت سلاحاً استراتيجياً أوقع المنافسين في فخ الاستسلام. كما يقول جون أورميرود، الخبير في صناعة المغناطيس: "كان العملاء يذهبون إلى الصين للحصول على عرض سعر، ثم يطلبون منك مطابقته، وكان ذلك ببساطة مستحيلاً".
النتيجة كانت إغلاق آخر شركتين أميركيتين لإنتاج المغناطيس بحلول عام 2010، وشحن معدات مصنع "ماغنيكوانتش" التابع لـ"جنرال موتورز" من إنديانا إلى مصانع في تيانجين ونينغبو الصينية.
اليوم، تواجه الولايات المتحدة وأوروبا واليابان معضلة وجودية: إما الاستمرار في الاعتماد على السلاسل الصينية منخفضة التكلفة، أو تحمل تكاليف باهظة لبناء سلاسل توريد بديلة. كما تتساءل غرايسلين باسكاران من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية: "لماذا يشترون من منتج مرتفع التكلفة إذا كانت البدائل الأرخص متاحة؟".
محاولات الغرب للإفلات من هذا الفخ لا تزال محدودة. ضمان واشنطن سعراً مضاعفاً لشركة "إم بي ماتيريالز" في لاس فيغاس، وتعهدها بشراء كامل إنتاج مصنع مستقبلي للمغناطيس، يبدو كقطرة في محيط الهيمنة الصينية.
التحدي الحقيقي لا يكمن في بناء مناجم جديدة أو مصانع حديثة، بل في مواجهة نموذج اقتصادي صيني فريد، حيث تتحمل الدولة الخسائر المؤقتة مقابل السيطرة الطويلة الأمد على الأسواق الاستراتيجية. هذه المعادلة جعلت فك الارتباط عن الصين "مكلفاً وربما مستحيلاً في المدى القريب"، كما تقول فايننشال تايمز.
هذه الهيمنة لم تأتِ من فراغ. فالصين تسيطر اليوم على 70% من عمليات التعدين العالمية للمعادن النادرة، و90% من عمليات الفصل والمعالجة، و93% من صناعة المغناطيسات الدائمة التي تدخل في كل شيء من الهواتف الذكية إلى السيارات الكهربائية والطائرات المقاتلة.
لكن القصة الحقيقية تكمن في كيف وصلت الصين إلى هذه المكانة؟ الإجابة تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، عندما أطلق الزعيم الصيني الراحل دنغ شياو بينغ مقولته الشهيرة: "الشرق الأوسط لديه النفط، والصين لديها العناصر النادرة". منذ تلك اللحظة، بدأت استراتيجية منهجية قائمة على دعم الدولة وتحمّلها خسائر قصيرة الأجل لتحقيق مكاسب طويلة الأمد.
الأسعار المنخفضة التي فرضتها الصين لم تكن مجرد سياسة تسعيرية، بل كانت سلاحاً استراتيجياً أوقع المنافسين في فخ الاستسلام. كما يقول جون أورميرود، الخبير في صناعة المغناطيس: "كان العملاء يذهبون إلى الصين للحصول على عرض سعر، ثم يطلبون منك مطابقته، وكان ذلك ببساطة مستحيلاً".
النتيجة كانت إغلاق آخر شركتين أميركيتين لإنتاج المغناطيس بحلول عام 2010، وشحن معدات مصنع "ماغنيكوانتش" التابع لـ"جنرال موتورز" من إنديانا إلى مصانع في تيانجين ونينغبو الصينية.
اليوم، تواجه الولايات المتحدة وأوروبا واليابان معضلة وجودية: إما الاستمرار في الاعتماد على السلاسل الصينية منخفضة التكلفة، أو تحمل تكاليف باهظة لبناء سلاسل توريد بديلة. كما تتساءل غرايسلين باسكاران من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية: "لماذا يشترون من منتج مرتفع التكلفة إذا كانت البدائل الأرخص متاحة؟".
محاولات الغرب للإفلات من هذا الفخ لا تزال محدودة. ضمان واشنطن سعراً مضاعفاً لشركة "إم بي ماتيريالز" في لاس فيغاس، وتعهدها بشراء كامل إنتاج مصنع مستقبلي للمغناطيس، يبدو كقطرة في محيط الهيمنة الصينية.
التحدي الحقيقي لا يكمن في بناء مناجم جديدة أو مصانع حديثة، بل في مواجهة نموذج اقتصادي صيني فريد، حيث تتحمل الدولة الخسائر المؤقتة مقابل السيطرة الطويلة الأمد على الأسواق الاستراتيجية. هذه المعادلة جعلت فك الارتباط عن الصين "مكلفاً وربما مستحيلاً في المدى القريب"، كما تقول فايننشال تايمز.