بعد انقطاع دام 13 عامًا .. مصر وتركيا تستأنفان مناورات بحرية في شرق المتوسط
19 سبتمبر 20251178 مشاهدةوقت القراءة: 3 دقيقة

حجم الخط:
16
في تطور لافت على مستوى التعاون العسكري الإقليمي، أعلنت وزارة الدفاع التركية استئناف مناورات "بحر الصداقة" بين القوات البحرية المصرية والتركية، وذلك بعد توقف دام 13 عاماً بسبب خلافات سياسية بين البلدين.
وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية زكي أكتورك، أن المناورات ستُجرى في المنطقة الشرقية من البحر المتوسط خلال الفترة من 22 إلى 26 سبتمبر الجاري، وتهدف إلى تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، و رفع مستوى التنسيق والتوافق التشغيلي بين قواتهما البحرية.
وقال أكتورك إن هذه الخطوة تمثل نقطة تحول استراتيجية في العلاقات الثنائية، وتعكس الرغبة المتبادلة في إعادة بناء الثقة والتنسيق في منطقة تزداد فيها التوترات الجيوسياسية.
* رسائل ردع وطمأنة في توقيت حساس
من جانبه، اعتبر اللواء أركان حرب محمد فرغلي المحاضر بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، في تصريحات له ؛ أن هذه المناورات تأتي في توقيت غاية في الأهمية، في ظل تصاعد الصراعات الإقليمية، خاصة في شرق المتوسط وقطاع غزة.
وقال فرغلي إن المناورة توجه رسائل طمأنة للشعب المصري بشأن جاهزية القوات البحرية للدفاع عن المقدرات الاقتصادية في مياه المتوسط، لا سيما مع ازدياد التهديدات المرتبطة بثروات الغاز ومناطق النفوذ البحري.
وأضاف :
"المناورة تهدف إلى تبادل الخبرات العسكرية، والتعرف على مسارح عمليات بحرية حديثة، والتدريب على حماية المناطق الاقتصادية للدول المتشاطئة، وهو أمر حيوي في ظل التحديات الراهنة".
و وصف فرغلي البحرية المصرية بأنها "من بين الأقوى والأكثر تدريباً وتكاملاً في الشرق الأوسط"، مشيراً إلى أن هذا التعاون العسكري يعكس تحسناً ملحوظاً في العلاقات المصرية _ التركية، تجلّى في زيارات رفيعة المستوى واتفاقيات متعددة في مجالات الطاقة والاستثمار والتجارة.
* تحولات استراتيجية في المنطقة .. و رد على "أوهام التوسع الإسرائيلي"
وفي السياق ذاته، أكد المستشار في كلية القادة والأركان اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير، أن استئناف هذه المناورات يعكس نضجاً سياسياً و وعياً استراتيجياً بضرورة بناء تكتلات دفاعية قوية لمواجهة التحديات الراهنة.
وقال كبير :
"عودة مناورات "بحر الصداقة" هي نتاج مباشر لتحول جذري في العلاقات المصرية _ التركية، بعدما علقت المناورات عام 2012 على خلفية الخلاف السياسي".
وأوضح أن توقيت المناورات يتزامن مع متغيرات خطيرة في المشهد الإقليمي، على رأسها الكارثة الإنسانية المستمرة في غزة منذ نحو عامين، والاعتداء الإسرائيلي الأخير على السيادة القطرية في 9 سبتمبر الجاري، إلى جانب التصريحات الإسرائيلية الأخيرة حول ما يُعرف بـ "دولة إسرائيل الكبرى"، والتي تزعم أن جزءاً من شرق مصر يدخل ضمن حدودها المستقبلية.
وتابع :
"هذه المناورات تحمل رسالة حازمة بأن أوهام التوسع الإسرائيلي أضغاث أحلام، ستتحطم على صخرة التحالفات الدفاعية الإقليمية، والجاهزية القتالية للقوى العربية".
وشدد كبير على أن المناورات تتضمن تشكيلة نوعية من القطع البحرية الهجومية والضاربة، بما في ذلك غواصات، وسفن سطح متقدمة، ومنظومات دفاع جوي عالية التقنية، وأسلحة نيران دقيقة التوجيه، مما يجعلها أقوى ردع عملي على أي تهديد للسيادة الوطنية أو محاولات المساس بمقدرات الشعوب.
* دبلوماسية ميدانية وعلاقات تتطور
المناورات تمثل امتداداً للجهود الدبلوماسية المكثفة بين أنقرة والقاهرة، والتي شملت خلال الأشهر الماضية زيارات متبادلة لوزراء الدفاع والخارجية، وتوقيع اتفاقيات اقتصادية، أبرزها في مجالات الغاز والطاقة والاستثمار والتبادل التجاري.
وفي ظل السباق المصري _ التركي للمساهمة في حل الأزمة الليبية، ومعارضة البلدين لأي محاولة لـتهجير الفلسطينيين أو فرض احتلال دائم لغزة، تأتي مناورات "بحر الصداقة" كعنوان جديد لتحول العلاقات نحو شراكة أمنية شاملة، تتجاوز الخلافات الماضية وتستجيب لمقتضيات الواقع الجيوسياسي المتغير.
* ختاماً :
تُعد مناورات "بحر الصداقة" اختباراً عملياً لاستعادة الثقة بين دولتين محوريتين في الشرق الأوسط، و رسالة سياسية وعسكرية في آن واحد :
أن أمن البحر المتوسط لم يعد ساحة مفتوحة، بل مجال تتشارك فيه الدول صاحبة السيادة لحماية مصالحها ومقدراتها في وجه التهديدات المستجدة.