في إنجاز علمي واعد، كشف فريق دولي من العلماء عن اكتشاف أنواع جديدة من بكتيريا الأمعاء البشرية قادرة على امتصاص وتخزين مركبات كيميائية سامة تُعرف بـ "المواد الكيميائية الدائمة" أو ( PFAS )، والتي يصعب جداً على الجسم التخلص منها.
◀ ما هي "المواد الكيميائية الدائمة" ( PFAS ) ؟
تُستخدم مركبات PFAS على نطاق واسع في منتجات مثل مستحضرات التجميل، أواني الطهي، تغليف المواد الغذائية، وحتى في مياه الشرب، وتُعرف بثباتها في البيئة والجسم البشري.
وبسبب عدم قابلية تكسيرها أو التخلص منها بسهولة، باتت مصدر قلق صحي عالمي، حيث ارتبطت بعدة مشكلات مثل تلف الكلى ومشاكل مناعية.
◀ كيف تعمل هذه البكتيريا ؟
بحسب الدراسة التي نشرها موقع Science Alert ، وجد الباحثون أن 38 سلالة من بكتيريا الأمعاء يمكنها امتصاص مركبات PFAS بفعالية، عبر آلية معقدة تقوم على تجميع المواد الكيميائية داخل كتل في خلاياها، مما يحمي البكتيريا نفسها من سمّيتها.
ومن بين هذه الأنواع، برزت بكتيريا Bacteroides uniformis _المعروفة بقدرتها على تحليل الألياف_ باعتبارها من بين الأقوى في امتصاص هذه المواد.
ويقول الدكتور " كيران باتيل " عالم الأحياء الجزيئية من جامعة كامبريدج :
"تمكنت بعض البكتيريا من امتصاص كميات كبيرة من PFAS في بيئات مختلفة، وعزلتها داخل خلاياها بطريقة تجعلها محمية من التأثيرات السامة".
◀ نتائج واعدة على الفئران
في تجارب لاحقة على فئران زرعت في أمعائها 9 أنواع من هذه البكتيريا، لاحظ الباحثون أن الميكروبات امتصت PFAS سريعاً، وتم التخلص من المواد الكيميائية عبر البراز، مما يشير إلى إمكانية خفض نسبة هذه المواد في الجسم.
العالمة إندرا رو من جامعة كامبريدج أكدت :
"نعيش في عالم تلوثه هذه المواد، ونتائجنا تمثل بارقة أمل لابتكار حلول لإزالتها من أجسامنا، حتى وإن لم نستطع تدميرها بالكامل بعد".
◀ هل يكون الحل مكمّلات بكتيرية ؟
يقترح العلماء أن تعزيز وجود هذه البكتيريا النافعة في الأمعاء _ربما عبر مكملات غذائية مستقبلية_ قد يفتح باباً جديداً للتخلص من تراكم PFAS في الجسم بشكل آمن وفعّال، رغم أن التقنية لا تزال في مراحلها التجريبية.
◀ لماذا الأمر مهم ؟
لأن PFAS موجودة حولنا في كل مكان، وأثرها الصحي الكامل لا يزال غير مفهوم تماماً، لكن المعروف حتى الآن أنها قد تسبب أضراراً جسيمة على المدى الطويل.
وبالتالي، فإن التحكم بها من داخل الجسم قد يكون الخيار الأكثر واقعية حالياً.
العلماء يعملون الآن على هندسة هذه البكتيريا بيولوجياً لتحسين قدرتها على امتصاص المواد السامة مستقبلاً، مما قد يُحدث نقلة نوعية في مجال الطب الوقائي والبيئي.