اكتشاف تاريخي: علماء يرصدون كوكباً "رضيعاً" أثناء ولادته للمرة الأولى على الإطلاق

تمكّن فريق دولي من الفلكيين، باستخدام أداة رصد متطورة، من التقاط أول دليل مرئي مباشر على كوكب أولي (Protoplanet) وهو ينحت فجوة عملاقة في القرص الغباري المحيط بنجم شاب، في اكتشاف غير مسبوق يحل لغزاً استمر لعقود في علم الفلك.
ويؤكد هذا الاكتشاف، الذي نُشر في ورقتين بحثيتين بمجلة The Astrophysical Journal Letters، النظريات السائدة حول كيفية تشكل الكواكب، بعد أن كانت مجرد فرضيات.
لطالما رصد العلماء فجوات غامضة في الأقراص الكوكبية الأولية حول النجوم حديثة الولادة، افترضوا أن كواكب في طور التكوين هي من يشكلها. ومع ذلك، لم يتمكن أحد من رصد هذه الكواكب "الرضيعة" مباشرةً بسبب صغر حجمها وخفوت ضوئها مقارنة بسطوع نجمها الأم.
يقول عالم الفلك ليرد كلوز من جامعة أريزونا: "كُتبت العشرات من الأوراق النظرية التي تناقش كيف أن هذه الفجوات المرصودة في الأقراص ناجمة عن كواكب أولية، لكن لم يتمكن أحد من العثور على دليل قاطع حتى اليوم. لقد كان الأمر مصدر جدل حقيقي في الأوساط العلمية والأدبيات الفلكية: وجود هذه الفجوات العميقة مع عجزنا عن رصد الكواكب الخافتة الكامنة فيها. وقد شكك كثيرون في قدرة الكواكب الأولية على تشكيل هذه الفجوات، لكننا نعرف الآن، وبشكل قاطع، أنها تستطيع ذلك".
تم حل هذه المعضلة من خلال البحث عن بصمة ضوئية فريدة تنبعث من الكواكب أثناء تكونها. فخلال عملية النمو، تلتهم هذه الكواكب غاز الهيدروجين من محيطها. وعندما يسقط هذا الغاز على الكوكب النامي، فإنه يشكل بلازما حارة جداً تشع ضوءاً مميزاً يعرف بـ "انبعاث H-ألفا".
للبحث عن هذه البصمة، صمم الفريق الدولي أداة MagAO-X، وهي نظام بصريات تكيفية متطورة مثبتة على تلسكوب ماجلان في تشيلي، ومصممة خصيصاً لهذا الغرض.
يشرح كلوز الآلية: "عندما تتشكل الكواكب وتنمو، فإنها تلتهم غاز الهيدروجين من محيطها المباشر. وعندما يندفع هذا الغاز ليسقط على الكوكب النامي، مثل شلال هائل من الفضاء الخارجي، يصطدم بالسطح مكوناً بلازما حارة جداً، والتي بدورها تشع هذا الضوء المميز، H-ألفا. ونظام MagAO-X مصمم خصيصاً للبحث عن غاز الهيدروجين وهو يسقط على هذه الكواكب الأولية الصغيرة، وهكذا نستطيع اكتشافها".
ركزت الدراسة على النجم TYC-5709-354-1 (المعروف أيضاً باسم WISPIT-2)، وهو نجم "رضيع" يشبه الشمس ويبعد عنا نحو 434 سنة ضوئية. وكانت ملاحظات سابقة قد كشفت عن وجود قرص دوار حوله مع فجوة "ضخمة بشكل مذهل".
بجمع بيانات أداة MagAO-X مع ملاحظات في الأشعة تحت الحمراء من التلسكوب الكبير جداً (VLT)، تأكد للعلماء أن الكوكب الأولي، الذي أطلق عليه اسم WISPIT-2b، يجلس بوضوح في وسط تلك الفجوة. ويبلغ كوكب WISPIT-2b كتلة هائلة تصل إلى نحو 5 أضعاف كتلة المشتري، ويقع على بعد 54 وحدة فلكية من نجمه (أي 54 مرة ضعف المسافة بين الأرض والشمس)، مما يجعله بعيداً جداً عن مركز نظامه.
يمنح هذا الاكتشاف العلماء لمحة نادرة عن كيف ربما بدا نظامنا الشمسي وهو في طور التكوين حول "شمس رضيعة"، مما يفتح عصراً جديداً في فهم عملية ولادة الكواكب.