زيلينسكي يطلب ضمانات وبوتين يشترط.. وميدان الحرب يصمت لصوت الدبلوماسية

21 أغسطس 202536 مشاهدةوقت القراءة: 3 دقيقة
زيلينسكي يطلب ضمانات وبوتين يشترط.. وميدان الحرب يصمت لصوت الدبلوماسية
يبدو أن نافذة الدبلوماسية قد فتحت على مصراعيها بين موسكو وكييف، لكنها تحمل في طياتها شروطاً وتعقيدات قد تعيد المنطقة إلى مربع الصفر من جديد. الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يعلن استعداده للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لكن بشروط تبدو وكأنها إعادة تعريف لمعنى "السلام" في المنطقة.
لم يعد زيلينسكي ذلك الزعيم الذي يطلب وقف إطلاق النار فقط، بل أصبح رجل دولة يطالب بضمانات أمنية دائمة. كلماته كانت واضحة: "لا يمكن أن تكون المحادثات مجرد هدنة مؤقتة". هذا التحول في الخطاب يعكس درساً قاسياً تعلمته أوكرانيا من غزو 2022 - أن السلام الهش قد يكون مقدمة لحرب أشد.
الضمانات التي يطلبها زيلينسكي ليست مجرد وعود دبلوماسية، بل اتفاقيات ملزمة من دول كبرى، تشكل شبكة أمان تحمي أوكرانيا من أي عدوان مستقبلي. هذا الطلب يأتي في وقت تدرس فيه الدول الغربية خيارات متعددة، من ضمانات على غرار المادة الخامسة لحلف الناتو إلى نشر قوات تدريبية دولية.
لكن موسكو لا تبدو مستعدة للجلوس على طاولة المفاوضات من دون شروطها الخاصة. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يضع عقبة جديدة في الطريق: شرعية الرئيس الأوكراني. بطرحه مسألة الانتخابات الأوكرانية المؤجلة، يبدو أن الكرملين يحاول إعادة تعريف من هو الطرف الشرعي في المفاوضات.
اتهام لافروف لكييف بالعمل وفق "إملاءات غربية" يكشف الخوف الروسي العميق من أن أي اتفاق قد يتحول إلى انتصار غربي على حساب المصالح الروسية. هذه العقلية تشير إلى أن الطريق إلى المفاوضات سيكون محفوفاً بشكوك عميقة من الجانبين.
على الأرض، لا تترك روسيا مجالاً للشك بأنها تتفاوض من موقع القوة. الهجوم الروسي الأخير، الأكبر منذ أسابيع، يرسل رسالة واضحة: أن الدبلوماسية لن توقف العمليات العسكرية. استخدام عشرات المسيرات والصواريخ يعيد إلى الأذهان أن القوة العسكرية لا تزال اللغة الأساسية في هذه الأزمة.
لكن الدفاعات الأوكرانية أثبتت مرة أخرى فعاليتها في إسقاط معظم الصواريخ، مما يظهر أن كييف لم تعد ذلك الطرف الضعيف الذي كان في بداية الحرب. هذه المعادلة العسكرية المتوازنة نسبياً قد تكون في الواقع العامل الذي يدفع الطرفين إلى المفاوضات.
في الخلفية، ثمة لاعبون آخرون يؤثرون في المسار. طلب زيلينسكي من ترامب التدخل لدى رئيس المجر فيكتور أوربان يكشف عن بعد جديد في الأزمة. معارضة أوربان لانضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي تمثل عقبة كبيرة في طريق التكامل الأوروبي الذي تراه كييف جزءاً أساسياً من أمنها المستقبلي.
وعود ترامب بالضغط على أوربان تفتح الباب أمام دبلوماسية أمريكية غير تقليدية قد تغير المعادلة. لكنها أيضاً تثير تساؤلات عن مدى قدرة واشنطن على فرض إرادتها على حلفاء غير تقليديين مثل أوربان.
الخيارات أمام أوكرانيا وروسيا محدودة فإما سلام هش ووقف إطلاق نار مؤقت دون ضمانات أمنية حقيقية، مما يعني احتمال تجدد الحرب لاحقاً.
أو تسوية شاملة واتفاق يضمن أمن أوكرانيا ويأخذ في الاعتبار المصالح الروسية، لكنه يبدو صعب المنال في الظروف الحالية. أو استمرار الحرب وفشل المفاوضات والعودة إلى المواجهة العسكرية الكاملة.
اللحظة الحالية تمثل فرصة نادرة لإنهاء أطول حرب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. لكن نجاحها يتطلب أكثر من مجرد رغبة في الجلوس إلى الطاولة. يحتاج الطرفان إلى تجاوز الشكوك العميقة والتركيز على مصالح شعوبهم التي أنهكتها الحرب.


مشاركة الخبر