نهاية هيمنة الدولار: تحول جيوسياسي أم أمنية اقتصادية؟
3 سبتمبر 202581 مشاهدةوقت القراءة: 2 دقيقة

حجم الخط:
16
في قاعة قمة شنغهاي للتعاون في تيانجين، وقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليعلن ما وصفه الكثيرون بأنه ناقوس جنازة للهيمنة الأحادية للدولار. كلماته لم تكن مجرد خطاب سياسي عابر، بل كانت تعكس تحولاً جيوسياسياً عميقاً بدأ يظهر على سطح النظام المالي العالمي.
بوتين، الذي وصف الاعتماد على الدولار بأنه "أداة ابتزاز سياسي"، لم يكن يتحدث من فراغ. فالعقوبات الأمريكية المتزايدة، التي تضاعفت ثلاث مرات منذ عام 2000، حولت العملة الخضراء من وسيلة للتبادل التجاري إلى سلاح جيوسياسي. هذه التحولات دفعت دولاً من كينيا إلى سريلانكا للبحث عن بدائل، من اتفاقيات التبادل بالعملات المحلية إلى زيادة الاحتياطيات من الذهب.
الأرقام تتحدث عن نفسها: حصة الدولار في الاحتياطيات العالمية انخفضت إلى 57.8%، بعد أن كانت تتجاوز 70% مطلع الألفية. هذا التراجع، وإن كان بطيئاً، إلا أنه يعكس اتجاهاً صاعداً نحو تعددية نقدية تبحث عنها الاقتصادات الناشئة لحماية نفسها من تقلبات السياسة الأمريكية.
المشاهد من على الأرض تروي قصة مختلفة. في كينيا، خففت الاتفاقيات النفطية بالعملات المحلية الضغط على الدولار بمقدار 500 مليون دولار شهرياً. وفي سريلانكا، سمحت التسويات بالروبية الهندية بتقليل الاعتماد على العملة الأمريكية. هذه الحلول البراغماتية، رغم محدوديتها، تثبت أن العالم يبحث عن طرق جديدة للتعامل المالي.
الرؤية التي طرحها بوتين لمنظمة شنغهاي - نظام مدفوعات مشترك وسندات جماعية - تبدو طموحة، لكنها تواجه تحديات جسيمة. فبناء نظام مالي موازٍ يحتاج إلى أكثر من رغبة سياسية؛ فهو يتطلب بنية تحتية مالية معقدة، ومستويات عالية من الثقة المتبادلة، وقدرة على توفير السيولة والاستقرار الذي توفره الأسواق الأمريكية.
التقديرات تشير إلى أن حصة الدولار قد تنخفض إلى 50% بحلول 2035، لكن هذا لا يعني نهاية هيمنته. فغياب بديل واضح وقوي سيبقي العملة الأمريكية في الصدارة، وإن بقوة أقل من قبل.
يبدو أن العالم يقف عند مفترق طرق: من ناحية، رغبة متزايدة في التحرر من الهيمنة الأمريكية، ومن ناحية أخرى، غياب بديل حقيقي يمكنه ملء الفراغ. التحول نحو تعددية نقدية سيستغرق وقتاً طويلاً، وسيكون محفوفاً بالمخاطر، لكنه أصبح ضرورة للعديد من الدول التي سئمت استخدام عملتها كسلاح ضدها.
الرسالة التي أطلقها بوتين من تيانجين قد تكون البداية فقط لرحلة طويلة نحو نظام مالي عالمي أكثر توازناً، لكن الطريق لا يزال طويلاً وشاقاً.
بوتين، الذي وصف الاعتماد على الدولار بأنه "أداة ابتزاز سياسي"، لم يكن يتحدث من فراغ. فالعقوبات الأمريكية المتزايدة، التي تضاعفت ثلاث مرات منذ عام 2000، حولت العملة الخضراء من وسيلة للتبادل التجاري إلى سلاح جيوسياسي. هذه التحولات دفعت دولاً من كينيا إلى سريلانكا للبحث عن بدائل، من اتفاقيات التبادل بالعملات المحلية إلى زيادة الاحتياطيات من الذهب.
الأرقام تتحدث عن نفسها: حصة الدولار في الاحتياطيات العالمية انخفضت إلى 57.8%، بعد أن كانت تتجاوز 70% مطلع الألفية. هذا التراجع، وإن كان بطيئاً، إلا أنه يعكس اتجاهاً صاعداً نحو تعددية نقدية تبحث عنها الاقتصادات الناشئة لحماية نفسها من تقلبات السياسة الأمريكية.
المشاهد من على الأرض تروي قصة مختلفة. في كينيا، خففت الاتفاقيات النفطية بالعملات المحلية الضغط على الدولار بمقدار 500 مليون دولار شهرياً. وفي سريلانكا، سمحت التسويات بالروبية الهندية بتقليل الاعتماد على العملة الأمريكية. هذه الحلول البراغماتية، رغم محدوديتها، تثبت أن العالم يبحث عن طرق جديدة للتعامل المالي.
الرؤية التي طرحها بوتين لمنظمة شنغهاي - نظام مدفوعات مشترك وسندات جماعية - تبدو طموحة، لكنها تواجه تحديات جسيمة. فبناء نظام مالي موازٍ يحتاج إلى أكثر من رغبة سياسية؛ فهو يتطلب بنية تحتية مالية معقدة، ومستويات عالية من الثقة المتبادلة، وقدرة على توفير السيولة والاستقرار الذي توفره الأسواق الأمريكية.
التقديرات تشير إلى أن حصة الدولار قد تنخفض إلى 50% بحلول 2035، لكن هذا لا يعني نهاية هيمنته. فغياب بديل واضح وقوي سيبقي العملة الأمريكية في الصدارة، وإن بقوة أقل من قبل.
يبدو أن العالم يقف عند مفترق طرق: من ناحية، رغبة متزايدة في التحرر من الهيمنة الأمريكية، ومن ناحية أخرى، غياب بديل حقيقي يمكنه ملء الفراغ. التحول نحو تعددية نقدية سيستغرق وقتاً طويلاً، وسيكون محفوفاً بالمخاطر، لكنه أصبح ضرورة للعديد من الدول التي سئمت استخدام عملتها كسلاح ضدها.
الرسالة التي أطلقها بوتين من تيانجين قد تكون البداية فقط لرحلة طويلة نحو نظام مالي عالمي أكثر توازناً، لكن الطريق لا يزال طويلاً وشاقاً.