سوريا : إنجازات دبلوماسية في مواجهة تحديات السيادة

21 أغسطس 202528 مشاهدةوقت القراءة: 2 دقيقة
سوريا : إنجازات دبلوماسية في مواجهة تحديات السيادة
بعد ثمانية أشهر من "الاستقلال الثاني" الذي أنهى حقبة بشار الأسد، تواجه سوريا الجديدة معادلة صعبة: نجاحات دبلوماسية لافتة في المحيط الإقليمي والدولي، لكنها تصطدم بتحديات داخلية تعيق بناء الدولة الموحدة. هذه المفارقة تحدد ملامح المرحلة الانتقالية الأكثر تعقيداً في تاريخ سوريا الحديث.
تمكنت القيادة السورية الجديدة من تحقيق اختراقات دبلوماسية غير مسبوقة. فمن العزلة الدولية إلى استقبال الرئيس أحمد الشرع في الرياض وباريس، تحولت دمشق من دولة منبوذة إلى شريك إقليمي مقبول. هذا التحول لم يكن صدفة، بل جاء نتيجة تحول جيوسياسي أكبر:
العلاقات الخليجية: استطاع الشرع طمأنة السعودية وقطر بأن مشروعه وطني لا عابر للحدود، مما فتح الباب لاستثمارات ضخمة وشراكات إستراتيجية.
الغرب المتقبل: بريطانيا وفرنسا قادتا انفتاحاً أوروبياً سريعاً، بينما حافظت واشنطن على موقف متحفظ بسبب الضغوط الإسرائيلية.
روسيا المتكيفة: رغم إرث الدعم للأسد، بدأت موسكو تتعامل مع الواقع الجديد، وزار وزير خارجيتها دمشق في إشارة واضحة.
لم تكن الانفراجات السياسية مجرد خطابات دبلوماسية، بل تحولت إلى عقود ملموسة:صفقة قطرية لتزويد سوريا بالغاز عبر تركيا واتفاقية فرنسية لإدارة مرفأ اللاذقية واستثمارات سعودية وخلجية في البنية التحتية وعقد كويتي لشراء شركة اتصالات سورية.
رغم النجاحات الخارجية، تواجه دمشق معضلات وجودية في الداخل الشمال الكردي اتفاق مارس/آذار مع "قسد" ظل حبراً على ورق، بينما تتصاعد المطالب الانفصالية بدستور جديد وقوات مسلحة مستقلة.
القيادة الجديدة وقعت في نفس أخطاء سابقتها من تضييق قاعدة الحكم وتجاهل تيارات المعارضة وإقصاء لقوى ثورية كان يمكن أن تعزز الشرعية.
تقف سوريا عند مفترق طرق خيار القوة: حرب أهلية جديدة قد تندلع إذا حاولت دمشق بسط سيطرتها على المناطق المنفصلة. وخيار التفاوض: استمرار المسار السياسي الغامض، مع خطر تمكين الكيانات الانفصالية.
التحدي الحقيقي لسوريا الجديدة ليس في العلاقات الدولية، بل في القدرة على بناء عقد اجتماعي جديد يجمع السوريين تحت هوية وطنية موحدة. النجاحات الدبلوماسية ستبقى هشة طالما أن أراضي الدولة ممزقة.
السؤال الذي يواجه السوريين الآن: هل ستتحول ثورتهم إلى مجرد تغيير في الوجوه، أم ستكون نقطة انطلاق لعقد اجتماعي جديد يحفظ وحدة البلاد ويحقق طموحات الثورة.

مشاركة الخبر

الوسوم