سوريا والإنترنت: بين واقع الانهيار وآفاق التجديد

يبدو المشهد وكأنه معادلة معقدة تجمع بين وعود بتوريد سعات إنترنت من الأردن وتركيا وقبرص، واتفاقيات استشارية مع شركات عالمية مرموقة، وتسهيلات أميركية غير مسبوقة تمثلت برفع العقوبات عن بعض الخدمات الرقمية. لكن هذه الوعود تواجه واقعاً صعباً يتمثل ببنية تحتية متدهورة، وأسلاك منهوبة، وانقطاع متكرر للتيار الكهربائي، واقتصاد منهك.
وزير الاتصالات والتقانة عبد السلام هيكل يعترف بأن الطريق ليست سهلة، ويشبه الوضع الحالي بطريق ضيق ذي اتجاهين يحتاج إلى بناء أوتوستراد رقمي جديد. لكن التحديات لا تقتصر على الجانب التقني، حيث تواجه عملية التطوير عوائق أمنية تتمثل في سرقة المعدات والأسلاك، وعقبات اقتصادية تتعلق بضرورة الموازنة بين تحسين الجودة والحفاظ على أسعار معقولة في ظل ظروف اقتصادية صعبة.
على الصعيد الدولي، يثير التعاون الأميركي المتزايد تساؤلات حول مدى استدامة هذه التسهيلات في ظل متغيرات السياسة الخارجية. فيما يتعلق بمكافحة الخطاب الطائفي على وسائل التواصل، تشير التقديرات الرسمية إلى أن 70% من الحسابات المشبوهة تُدار من خارج سوريا، مما يضعف القدرة على مواجهة هذه الحملات في ظل عدم إمكانية التعاون المباشر مع منصات التواصل العالمية بسبب العقوبات المتبقية.
تبقى هذه التحسينات التقنية مرهونة بقدرتها على خلق فرص حقيقية للاقتصاد الرقمي السوري، واستعادة الكفاءات والخبرات التي هاجرت خلال سنوات الحرب. الوعد بتحسين الخدمة موجود، لكن تحقيقه على أرض الواقع سيكون اختباراً حقيقياً لقدرة الحكومة على تجاوز العقبات التقنية والاقتصادية والأمنية التي تواجهها.