الجنوب السوري: قلب الصراع وأمل الوحدة العسكرية

الجنوب: أهمية استراتيجية وتاريخية
منذ اندلاع الأحداث في سوريا، شكل الجنوب السوري، وخاصة درعا، بؤرة الصراع والتغيير السياسي. فهو ليس مجرد ساحة معركة، بل مركز تاريخي للحركات السياسية والعسكرية، ومنطقة ذات أهمية استراتيجية بالغة باعتبارها خط الدفاع الأول عن الدولة السورية. كما كان الجنوب من أكثر المناطق عرضة للتدخلات الأجنبية، ما يجعل توحيد القوى العسكرية هناك ضرورة حتمية لضمان الأمن الوطني والسيادة السورية.
بين التصريحات الإعلامية والواقع السياسي
أحد الجوانب المثيرة في هذا اللقاء كان نفي وزير الدفاع لتصريحات نُسبت إليه عبر صحيفة واشنطن بوست حول رفض اللواء الثامن الاندماج في وزارة الدفاع. أبو قصرة شدد على أن ما نُشر لم يكن دقيقًا، مؤكدًا أنه تواصل مع الصحيفة لتصحيح سوء الفهم. هذه الواقعة تسلط الضوء على أهمية ضبط الخطاب الإعلامي الدولي، إذ أن تغطية مغلوطة قد تؤدي إلى إضعاف جهود المصالحة العسكرية وإعادة الدمج.
الاندماج العسكري: خطوة نحو التوازن والاستقرار
ضم الاجتماع شخصيات عسكرية بارزة مثل العقيد نسيم أبو عرّة والضابط المنشق محمد القادري وعلي باش، وتمحورت النقاشات حول إعادة توزيع الضباط المنشقين وفق اختصاصاتهم، وإعادة هيكلة المقاتلين وفق قدراتهم القتالية. هذا لا يمثل مجرد إعادة تنظيم إدارية، بل يعكس توجهًا نحو احتواء القوى العسكرية السابقة داخل المؤسسة الدفاعية الرسمية، ما يساهم في توحيد القرار العسكري ويحدّ من النزاعات والانشقاقات.
العقيد نسيم أبو عرّة وصف الاجتماع بأنه "بنّاءً ومثالياً"، مشيرًا إلى مدى التفاهم الذي تحقق بين الأطراف المختلفة. لكن الأهم من ذلك هو الرسالة الرمزية لهذا اللقاء، والتي تعزز مكانة درعا كدرع حصين لسوريا، ليس فقط من الناحية العسكرية، ولكن أيضًا كرمز للوحدة الوطنية في وجه مشاريع التقسيم والتشرذم.
التحديات والآفاق: هل تنجح التجربة؟
رغم الطابع الإيجابي لهذا التحرك، لا تزال هناك تحديات قائمة. فإعادة دمج الفصائل المسلحة السابقة ضمن مؤسسة واحدة يتطلب إرادة سياسية قوية، واستيعابًا حقيقيًا لمختلف الأطياف المنخرطة في المشهد العسكري. كما أن الضغوط الدولية والإقليمية قد تؤثر على مسار هذه العملية، خاصة في ظل استمرار التدخلات الخارجية.
خاتمة: هل الجنوب هو مفتاح الحل؟
ما يحدث في الجنوب اليوم قد يكون نموذجًا لحل أوسع يشمل جميع المناطق السورية. إن نجاح هذه الخطوة قد يكون مؤشرًا على إمكانية تحقيق استقرار شامل، فيما فشلها قد يعيد إنتاج الفوضى والانقسامات. يبقى السؤال الأهم: هل تمتلك دمشق الأدوات الكافية لتحويل هذا الاندماج إلى نقطة انطلاق نحو سوريا أكثر استقرارًا ووحدة؟ الأيام القادمة وحدها ستحدد الإجابة.