بالكاد مرّت أيام على زيارة تاريخية لرئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام إلى دمشق، حاملًا دعوة للرئيس السوري أحمد الشرع لزيارة بيروت، في خطوة وُصفت بأنها بداية جديدة لعلاقات يسودها الاحترام المتبادل وحسن الجوار .. حتى عادت أصوات القذائف لتبدد أجواء التفاؤل.
فقد أعلنت وزارة الدفاع السورية أن حزب اللّٰـه أطلق خمس قذائف مدفعية من الأراضي اللبنانية باتجاه منطقة القصير في ريف حمص، الأمر الذي دفع القوات السورية للرد فورًا.
لكن الرد لم يستمر طويلًا، إذ أوقف بطلب مباشر من الجيش اللبناني، الذي تعهد بملاحقة المجموعات المسؤولة عن إطلاق القذائف.
وأكدت الوزارة أن التواصل مستمر مع الجانب اللبناني لضبط الوضع على الحدود، في حين بدأ الجيش اللبناني بالانتشار في مناطق الاشتباك في محاولة لاحتواء التوتر.
خطوة لاقت ارتياحًا نسبيًا في ظل هشاشة الأوضاع الأمنية على الحدود الطويلة بين البلدين، التي تمتد لأكثر من 330 كيلومترًا، وتعرف بوجود معابر غير شرعية لطالما كانت مصدر قلق مشترك.
زيارة نواف سلام إلى دمشق لم تكن عابرة؛ فقد رافقه وزراء الخارجية والداخلية والدفاع، والتقوا بالرئيس السوري و وزير خارجيته أسعد الشيباني.
الزيارة جاءت بعد أشهر من الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، وأعادت فتح قنوات الحوار الرسمية بين الجارتين لأول مرة منذ تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.
وخلال المحادثات، ناقش الطرفان ملفات شائكة، من بينها ضبط الحدود، وقف التهريب، وترسيم الحدود البرية والبحرية، كما اتفقا على تشكيل لجنة وزارية مشتركة لمتابعة هذه القضايا.
وأكد نواف سلام أن الهدف هو بناء علاقة قائمة على سيادة كل بلد، ومنع التدخل في الشؤون الداخلية.
و رغم هذه الجهود، فإن الاشتباك الأخير يعكس حجم التحديات التي تواجه أي محاولة جادة لإعادة بناء الثقة بين بيروت ودمشق.
ففي ظل واقع أمني هش، وسيطرة فصائل مسلحة على بعض المعابر، يبقى طريق التفاهم طويلًا ومليئًا بالعقبات.