ما بين إرث الدمار وإمكانيات النهوض كيف سيعيد الاقتصاد السوري هيكلته

لكن الفارق الأساسي بين ألمانيا وسوريا هو السياق السياسي والدولي فألمانيا كانت تحت سلطة واحدة، بينما سوريا تعاني من انقسامات سياسية وجيوسياسية تعيق الاستقرار وأيضاً البيئة الدولية كانت داعمة لألمانيا، بينما سوريا لا تزال ساحة صراع إقليمي ودولي.
إن الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز والزراعة أو العمالة الشابة، لن تكفي لإنقاذ الاقتصاد السوري بسبب انهيار الثقة بالمؤسسات، وبسبب العقوبات الدولية، التي تعيق الاستثمار الأجنبي وتحويلات المغتربين. بالإضافة إلى هروب الكفاءات، حيث هاجر أكثر من 12 مليون سوري، بينهم آلاف الأطباء والمهندسين. عدا عن الفساد المزمن الذي كان مستشري بالنظام السابق، والذي يُضعف أي محاولة لإصلاح حقيقي.
رغم الصعوبات، يرى خبراء اقتصاديون أن سوريا لديها إمكانيات للنهوض، لكن بشروط على رأسها إصلاح النظام النقدي والمصرفي وإعادة هيكلة العملة من خلال ربط الليرة بسلة عملات أو سلع إستراتيجية. والعمل على إصلاح البنك المركزي لوقف التضخم واستعادة الثقة. وإعادة هيكلة الديون من خلال التفاوض مع الدائنين لتخفيف الأعباء. وفتح قنوات اتصال مع المنظمات الدولية (مثل صندوق النقد الدولي) للحصول على دعم تقني ومالي.
إطلاق مشاريع شراكة بين القطاعين العام والخاص في البنية التحتية والطاقة. والتركيز على القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة فسوريا كانت "سلة غذاء" الشرق الأوسط، ويمكن استعادة هذا الدور. والصناعة من خلال إعادة تأهيل المصانع المدمرة والاستثمار في الطاقة الشمسية لتعويض النقص في الكهرباء.
التجربة الألمانية تثبت أن الدول يمكن أن تنهض من تحت الأنقاض، لكن شروط سوريا أصعب بسبب الانقسام السياسي ووجود مناطق خارجة عن سيطرة دمشق وغياب إجماع دولي على دعم سوريا مقارنة بدعم أوروبا لألمانيا واستمرار الصراعات الجيوسياسية.
في الحقيقة سوريا لديها موارد بشرية وطبيعية تسمح لها بالتعافي، لكن النجاح مرهون بـإصلاح المؤسسات وتوفير بيئة مستقرة خالية من الصراع المسلح ودعم دولي حقيقي لاستعادة الثقة وجذب الاستثمارات.