تشهد العاصمة الليبية طرابلس تصعيدًا خطيرًا في التوترات الأمنية، بعد أن رُصدت تحركات عسكرية مكثفة خلال الساعات الماضية، تنذر بإمكانية اندلاع مواجهة مسلحة وشيكة بين فصائل متنازعة، في وقت تتعالى فيه أصوات السكان الرافضين للعودة إلى دوامة العنف داخل مدينتهم.
وأظهرت مشاهد متداولة على نطاق واسع دخول أرتال عسكرية ضخمة محمّلة بأسلحة ثقيلة إلى محيط العاصمة، قادمة من مدينة مصراتة شرقي طرابلس، وأخرى من مدينة غريان جنوبها.
كما شوهد انتشار كثيف للآليات والسيارات المسلحة في عدد من الأحياء الحيوية داخل المدينة، في مؤشر واضح على أن خيار الحسم العسكري بات مطروحًا على الطاولة، و ربما قيد التنفيذ.
* رفض شعبي وتصعيد ميداني
قوبلت هذه التطورات برفض واسع من قبل سكان طرابلس، حيث أصدرت بلدية تاجوراء بيانًا شديد اللهجة يوم أمس الخميس، أعرب فيه الأهالي عن رفضهم التام لتحويل منطقتهم إلى ممر للكتائب المسلحة أو قاعدة لأي قوة عسكرية، مؤكدين أن دخول أي رتل عسكري عبر أراضيهم يُعد "تعدٍّ على سكان المنطقة"، ومطالبين الجهات الأمنية بتحمّل مسؤولياتها في حماية المدنيين ومنع اندلاع أي اشتباك مسلح.
وفي السياق ذاته، عبّر أهالي منطقة سوق الجمعة عن رفضهم القاطع لتحويل طرابلس إلى ساحة صراع جديدة، وناشدوا البعثة الأممية في ليبيا التدخل العاجل لإدانة أي تحركات تهدف لتأجيج الوضع العسكري، محذرين من عواقب وخيمة قد تطال الجميع.
* معركة مرتقبة ؟
تأتي هذه التطورات في ظل أنباء متداولة تفيد بأن مليشيات موالية لحكومة الوحدة الوطنية تستعد لشن عملية عسكرية واسعة ضد خصومها المسلحين داخل العاصمة، وفي مقدمتهم "جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة" التابع للمجلس الرئاسي، ما يعزز المخاوف من انزلاق المدينة إلى معركة مفتوحة.
* ترقب محلي ودولي
ويراقب الشارع الليبي والمجتمع الدولي بحذر ما ستؤول إليه هذه التحركات، وسط دعوات لضرورة تحكيم صوت العقل وتغليب الحلول السياسية على لغة السلاح.
وتترقب الأنظار مواقف الأطراف المحلية والدولية خلال الساعات المقبلة، والتي قد تكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت طرابلس على وشك الانفجار، أم أن الضغوط الشعبية والوساطات السياسية ستنجح في تجنيب العاصمة كارثة جديدة.
في ظل هذا التصعيد، يبقى مستقبل طرابلس معلّقًا على ميزان هشّ بين الحرب والسلام، وسط مطالب متزايدة بوقف التحشيدات العسكرية فورًا، واستئناف الحوار الوطني الشامل لتجنيب البلاد مزيدًا من الانقسام والدمار.