الجفاف يضرب والقمح ينقص.. سوريا مقبلة على اختبار سياسي واقتصادي قاسٍ

18 أغسطس 2025114 مشاهدةوقت القراءة: 2 دقيقة
الجفاف يضرب والقمح ينقص.. سوريا مقبلة على اختبار سياسي واقتصادي قاسٍ

تواجه سوريا أخطر أزمة غذائية منذ عقود، بعدما أدى أسوأ جفاف منذ 36 عاماً إلى تراجع إنتاج القمح بنحو 40%، ما يضع الحكومة الجديدة أمام تحدٍ اقتصادي وإنساني بالغ الخطورة، في ظل محدودية السيولة وصعوبات الاستيراد.

بحسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، ستعاني سوريا هذا العام من عجز يقارب 2.73 مليون طن من القمح، وهو ما يكفي لإطعام نحو 16 مليون شخص لعام كامل.

بينما حذّر برنامج الأغذية العالمي من أن نحو 3 ملايين سوري مهددون بالجوع الشديد، في وقت يعاني أكثر من نصف السكان (25.6 مليون نسمة) من انعدام الأمن الغذائي.

وفق رويترز فإن الحكومة السورية لم تتمكن حتى الآن من شراء سوى 373,500 طن من القمح المحلي، أي نصف كمية العام الماضي، فيما تحتاج إلى استيراد ما لا يقل عن 2.55 مليون طن لتغطية احتياجاتها.

لكن دمشق لم تعلن عن أي صفقات كبرى، وتعتمد فقط على شحنات صغيرة لا تتجاوز 200 ألف طن عبر عقود مباشرة مع مستوردين محليين.

تلقت سوريا دعماً طارئاً محدوداً، أبرزها 220 ألف طن من القمح من العراق و500 طن من الطحين من أوكرانيا. لكن هذه الكميات تبقى بعيدة عن سد الفجوة المتنامية.

فيما توقفت روسيا، المورد الأكبر سابقاً، عن الإمداد منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي بسبب تأخر المدفوعات وتراجع الثقة في قدرة الحكومة الجديدة على السداد.

على الجانب الآخر، يحاول المزارعون المحليون الصمود في مواجهة الكارثة ، ففي الحسكة وحمص، أتلف الجفاف معظم المحاصيل ، يقول أحد المزارعين: "زرعنا 100 دونم ولم نحصد شيئاً"، بينما اضطر آخر إلى استخدام القمح غير الصالح للاستهلاك البشري كعلف للماشية.


في مايو/أيار الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة اعتُبرت تحولاً استراتيجياً لدعم تعافيها الاقتصادي بعد الإطاحة ببشار الأسد. غير أن القيود المصرفية وتجميد الأصول ما زالت تعيق التحويلات المالية، ما يعرقل قدرة الحكومة على إبرام عقود استيراد واسعة.

ووفق وزارة الزراعة الأميركية، ستحتاج سوريا خلال موسم 2025-2026 إلى استيراد 2.15 مليون طن من القمح، بزيادة 53% عن العام الماضي، وهي أكبر كمية في تاريخها الحديث.


يمثل القمح العمود الفقري لبرنامج الخبز المدعوم، أحد آخر مظلات الحماية الاجتماعية المتبقية للسوريين. لكن تراجع الإنتاج المحلي وصعوبة الاستيراد ينذران بأزمة خبز حادة، قد تتحول إلى اختبار سياسي واقتصادي للرئيس أحمد الشرع وحكومته، التي تسعى لإعادة بناء البلاد بعد 14 عاماً من الحرب.

وبينما يترقب السوريون موسم الأمطار المقبل أملاً في تخفيف الأزمة، يواجه الاقتصاد السوري معركة قاسية لتأمين الخبز، السلعة الأكثر حساسية في معيشة المواطنين وأحد ركائز الاستقرار الاجتماعي.

مشاركة الخبر