إجهاد العين الرقمي : الخطر الصامت خلف الشاشات

مع تسارع نمط الحياة الرقمي، أصبح الجلوس لساعات طويلة أمام الشاشات جزءًا لا يتجزأ من كثير من الوظائف، لكن لهذه العادة ثمن باهظ تدفعه العيون، إذ تشير التقارير الطبية إلى أن قضاء يوم كامل بين رسائل البريد الإلكتروني، مكالمات الفيديو، وجداول البيانات قد يُسبب أعراضًا مزعجة مثل :

الصداع، جفاف العين، الضبابية، الحكة، والاحمرار، وحتى الشعور العام بعدم الراحة.

يوصف الأمر بـ "الخطر المهني" من قِبل الدكتور دوغلاس ويزنر، رئيس قسم اعتام عدسة العين والرعاية الأولية للعيون بمستشفى "ويلز للعيون" في فيلادلفيا، موضحًا أن إجهاد العين نتيجة العمل أمام الشاشة بات جزءًا من تحديات الحياة الحديثة.

توضح آمي واتس، مديرة إعادة تأهيل البصر في مستشفى ماساتشوستس للعيون والأذن، أن هناك سببين رئيسيين وراء إجهاد العين أمام الشاشة :

1_ قلة الرمش : عند التركيز على الشاشة، تقل عدد مرات رمش العين، مما يؤدي إلى جفافها. وتقول واتس :

"الجفون تعمل كمساحات زجاج أمامي، وعندما لا ترمش بشكل كافٍ، تتراكم الرطوبة بشكل عشوائي، مما يؤثر على وضوح الرؤية".

2 _ إرهاق عضلات العين : التركيز المطول على نقطة ثابتة يجهد العضلات الصغيرة المسؤولة عن وضوح الرؤية، ما يسبب تشوشًا وضعفًا في نهاية اليوم.

_ رؤية غير واضحة

_ صداع متكرر

_ احمرار العين

_ حكة وتعب مستمر

_ شعور بعدم الارتياح

ينصح الأطباء باتباع قاعدة 20/20/20 لتخفيف إجهاد العين، وهي :

كل 20 دقيقة، انظر لمسافة 20 قدمًا ( نحو 6 أمتار ) لمدة 20 ثانية.

لكن واتس تشير إلى أن الدراسات الحديثة ترى أن هذه القاعدة ربما لا تكفي وحدها، وتوصي بـاستراحة أطول مدتها 5 دقائق كل ساعة، خاصة للنهوض والتحرك، ما يُساعد على تنشيط الدورة الدموية وتحسين الصحة العامة.

تقول واتس إن قطرات ترطيب العين تُعد حلاً فعالًا لمشكلة الجفاف الناتج عن قلة الرمش، وتؤكد أنها تعطي نتائج أفضل عند استخدامها بشكل وقائي، وليس فقط بعد ظهور الأعراض.

يُفضّل استخدام قطرات خالية من المواد الحافظة، لأنها أكثر أمانًا وتجنب تهيج العين.

كما توصي بتكرار استخدامها خلال اليوم كل عدة ساعات.

الإضاءة الجيدة تريح العين، بينما الشاشات المتسخة أو الملطخة تزيد من صعوبة التركيز وتُسرّع ظهور الإجهاد.

يقول الدكتور ستيفن ريد، رئيس الجمعية الأميركية لأطباء العيون :

"نظارات الضوء الأزرق لا تُسبب ضررًا، لكنها لا تُقدم فائدة كبيرة أيضًا".

الدراسات لا تؤكد فعاليتها الواضحة في تقليل الإجهاد.

يُحذر الدكتور ويزنر من استخدام الشاشات قبل النوم، مشيرًا إلى أن قلة النوم تزيد من إرهاق الجسم والعيون، مما يفاقم المشكلة، فالنوم الجيد عامل مهم في تخفيف الأعراض.

ويؤكد ويزنر أن إجهاد العين الرقمي ليس بالضرورة علامة على ضرر دائم، بل هو نتيجة لاستخدام العينين بطرق لم يُصمَّما لها عبر التاريخ.

ومع ذلك، يُوصى بإجراء فحص للعين إذا استمرت الأعراض أو تفاقمت.

وفي بعض الحالات، يكون الحل بسيطًا مثل :

_ استخدام نظارات قراءة متوفرة دون وصفة طبية.

_ تعديل الوصفة الطبية للنظارات الحالية.

إذا أبدى الأطفال شكوى من عدم وضوح الرؤية أو ألم بالعين بعد استخدام الأجهزة، فيجب عدم تجاهل الأمر، فبعض الدراسات تربط استخدام الشاشة بزيادة احتمالات قصر النظر عند الأطفال، ما يستدعي مراجعة طبيب العيون فورًا.

للحفاظ على صحة عينيك أمام الشاشات طوال اليوم :
_ رمّش أكثر.

_ خُذ فترات راحة منتظمة.
_ استخدم قطرات ترطيب خالية من المواد الحافظة.
_ لا تتجاهل الأعراض المستمرة أو المزعجة.
_ نظّف شاشتك واضبط الإضاءة.
_ قلّل من استخدام الأجهزة ليلًا، ولا تُهمل نومك.
عيناك تستحقان الراحة .. فلا تفرط في تحديقك !