في تصعيد خطير وغير مسبوق، اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، زنزانة القائد الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي في سجن "غانوت" ، موجهاً له تهديدات مباشرة، في وقتٍ أعربت فيه عائلته عن خشيتها من تصفيته الجسدية داخل السجن، وسط صدمة من التغير الكبير في ملامحه وتدهور حالته الصحية.
وظهر بن غفير، في مقطع مصور بثته القناة السابعة العبرية، وهو يخاطب البرغوثي في زنزانته الانفرادية قائلاً : "لن تنتصروا، ومن يقتل أبناءنا ونساءنا سوف نمحوه من الوجود"، مؤكداً أن لا مكان لمن "يعبث مع شعب إسرائيل".
هذه الزيارة التي وصفتها مصادر فلسطينية بأنها استفزازية ومتعمدة، تأتي في سياق السياسات القمعية المتواصلة التي ينتهجها بن غفير منذ توليه وزارة الأمن القومي أواخر عام 2022، والتي أدت إلى تدهور واسع في أوضاع الأسرى الفلسطينيين، خاصة في ما يتعلق بالتغذية والرعاية الصحية، وهو ما انعكس على أوزانهم وصحتهم العامة.
* تدهور صحي وتغير ملامح
الظهور الأخير لمروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، كشف عن تدهور واضح في حالته الصحية، حيث بدا جسده نحيلاً بشكل لافت، مع علامات إنهاك شديدة وملامح متغيرة.
وأكدت عائلته أنها شعرت بالصدمة لرؤية هذه التغيرات الجسدية، معربة عن مخاوف جدية من تعرضه للإعدام أو الإهمال الطبي المتعمد.
وقالت العائلة في بيان مقتضب نقلته وكالة "وفا" :
"نخشى من إعدام مروان داخل زنزانته بقرار من بن غفير، نحن مصدومون من تغير ملامحه، والإنهاك والجوع الذي يعيشه".
* ردود فلسطينية غاضبة
تصرفات بن غفير فجرت موجة إدانات فلسطينية رسمية وشعبية. فقد وصف رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، رائد أبو الحمص، اقتحام زنزانة البرغوثي بأنه "تجاوز لكافة الخطوط الحمراء"، وقال في بيان رسمي :
"ما صدر عن بن غفير من ألفاظ وتهديدات يعكس النوايا العنصرية الخطيرة لهذا الوزير المتطرف، ويؤكد أننا أمام تصعيد متعمد يستهدف كسر إرادة الحركة الأسيرة".
من جانبه، قال حسين الشيخ، نائب رئيس دولة فلسطين :
"ما قام به بن غفير يمثل قمة الإرهاب النفسي والمعنوي والجسدي بحق الأسرى، ويشكل انفلاتاً غير مسبوق في سياسات الاحتلال، ويستدعي تدخلاً فورياً من المنظمات الدولية".
كما حملت وزارة الخارجية الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن حياة مروان البرغوثي وكافة الأسرى، مطالبة بتدخل دولي عاجل لوقف الانتهاكات وتأمين الإفراج عنهم.
* خلفية عن الأسير مروان البرغوثي
البرغوثي يُعد من أبرز قادة الحركة الوطنية الفلسطينية، و واحداً من رموز الانتفاضة الثانية.
اعتقلته إسرائيل في أبريل / نيسان 2002 ، وحكمت عليه بالسجن المؤبد 5 مرات و40 عاماً، بتهم تتعلق بعمليات فدائية نُسبت لمجموعات تابعة لحركة فتح، وأسفرت عن مقتل وإصابة عدد من الإسرائيليين.
منذ سنوات، يُحتجز البرغوثي في عزلة مشددة وسط ظروف قاسية، تصاعدت بشكل كبير في ظل سياسات بن غفير الجديدة، التي شملت تقليص وجبات الطعام، إيقاف الزيارات، وتقليص الرعاية الصحية إلى الحد الأدنى، في إطار خطة ممنهجة تهدف للضغط على الحركة الأسيرة.
* خطر الإعدام البطيء
تشير منظمات حقوقية فلسطينية إلى أن ما يتعرض له البرغوثي يُعد "إعداما بطيئاً" يتم على مراحل، عبر التجويع الممنهج، العزل الطويل الأمد، والإهمال الطبي المتعمد.
وتؤكد مصادر مطلعة أنه فقد أكثر من نصف وزنه خلال العام الأخير وحده.
وكان بن غفير قد تفاخر، في يوليو / تموز الماضي، أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، بسياسات تجويع الأسرى، في رد على التماس قدمته جمعية حقوق المواطن ضد ظروف احتجازهم، قائلاً : "لا رفاهية في السجون، ومن أراد أن يرتاح، فليترك الإرهاب".
في ظل هذه التطورات، تتزايد الدعوات الفلسطينية لتدويل قضية الأسرى، وخصوصاً مروان البرغوثي، والتحرك الفوري في المحافل الدولية لوقف الانتهاكات الخطيرة التي يتعرضون لها.