في خطوة لافتة قد تعيد رسم ملامح الصراع في أوكرانيا، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن لقاءه المنتظر مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين سيُعقد يوم الجمعة المقبل، الموافق 15 أغسطس / آب 2025، في ولاية ألاسكا، في إطار مساعٍ دبلوماسية حثيثة لإنهاء الحرب الدائرة منذ أكثر من ثلاث سنوات بين روسيا وأوكرانيا.
وقال ترامب خلال قمة ثلاثية جمعته برئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان و رئيس أذربيجان إلهام علييف : "سألتقي الرئيس بوتين قريباً جداً. كان من الممكن أن يتم اللقاء في وقت سابق، لكن الترتيبات الأمنية أخرت ذلك".
وأضاف لاحقاً عبر منصة "تروث سوشيال" أن الاجتماع قد يفتح الباب أمام اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار، مؤكداً وجود "فرصة حقيقية لتحقيق السلام".
* ألاسكا .. نقطة التقاء الجارتين
من جانبها، أكدت موسكو عبر مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف أن عقد اللقاء في ألاسكا "خطوة منطقية" ، نظراً لقربها الجغرافي من روسيا، مشيراً إلى أن الجانبين سيكثفان في الأيام المقبلة العمل على تفاصيل اللقاء، الذي وصفه بـ "المسار الصعب".
* مقترح روسي شامل لإنهاء الحرب
وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن الكرملين قدّم لإدارة ترامب هذا الأسبوع مقترحاً شاملاً لوقف إطلاق النار، يتضمن مطالبة أوكرانيا بتقديم تنازلات إقليمية كبيرة مقابل وقف القتال.
وأكدت المصادر أن الرئيس الروسي أبلغ مبعوث ترامب ستيف ويتكوف، باستعداده لوقف كامل لإطلاق النار إذا انسحبت أوكرانيا من كامل منطقة دونيتسك، دون تقديم التزامات مقابلة من جانب روسيا سوى وقف القتال.
ويتضمن المقترح الروسي تنازل كييف عن منطقة دونباس، والاعتراف بالسيطرة الروسية الكاملة على شبه جزيرة القرم، مقابل تخلي موسكو عن مطالبها في بعض مناطق جنوب أوكرانيا مثل خيرسون و زابوريجيا.
* لقاءات وتحضيرات غربية
في السياق نفسه، نقل موقع أكسيوس عن مصادر مطلعة أن مسؤولين أميركيين وأوروبيين وأوكرانيين سيعقدون اجتماعاً تنسيقياً في بريطانيا الأسبوع المقبل، بهدف بلورة موقف موحّد قبل لقاء ترامب _ بوتين.
وتسعى إدارة ترامب لإقناع القادة الأوروبيين بالموافقة على اتفاق سلام يتضمن "تبادل أراضٍ"، حيث تسيطر روسيا حالياً على نحو 20% من الأراضي الأوكرانية.
و رغم فشل عدة جولات محادثات سابقة، يرى ترامب أن الظروف باتت أكثر نضجاً للتوصل إلى تسوية.
* زيلينسكي : روسيا تتجاهل المهلة
على الجانب الأوكراني، قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي إن موسكو تواصل قصف المدن الأوكرانية، متجاهلة المهلة المحددة لوقف إطلاق النار.
وأكد أن أوكرانيا تحظى بدعم دولي واسع، لكن الشروط الروسية للسلام "غير مقبولة" ، مشدداً على رفضه لأي تنازلات إقليمية، ومطالباً بضمانات أمنية واستمرار الدعم الغربي.
* ترامب : لا اتفاق دون موافقة زيلينسكي
و رغم التقارب مع موسكو، شدد ترامب في تصريحاته من البيت الأبيض على ضرورة إشراك كييف في أي اتفاق محتمل، قائلاً : "على الرئيس زيلينسكي أن يحصل على كل ما يحتاجه، لأنه في النهاية سيكون عليه التوقيع".
وألمح إلى احتمال مشاركة زيلينسكي في قمة ألاسكا بشكل ما، وإن لم يتضح شكل هذه المشاركة بعد.
* مواقف متباينة داخل واشنطن
وعلق السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام على التحركات الأخيرة قائلاً : "أنا واثق من أن الرئيس ترامب لن يقبل بأي صفقة سيئة".
بينما حذّر مسؤولون في البيت الأبيض من أن التسرع في التوصل لاتفاق قد يؤدي إلى تداعيات طويلة الأمد إذا لم يشمل ضمانات قوية من موسكو.
* الماضي يلقي بظلاله
ويُذكر أن ترامب أقر في مقابلة سابقة مع BBC بأن بوتين "خيّب آماله" بعد كل واحدة من زيارات ويتكوف الأربع السابقة إلى موسكو، حيث تبدأ المحادثات بشكل إيجابي ثم تنهار في النهاية.
آخر اتصال مباشر بين ترامب وبوتين كان عبر الهاتف في فبراير / شباط الماضي، بينما تعود آخر قمة بين رئيس أميركي ونظيره الروسي إلى عام 2021، حين التقى جو بايدن ببوتين في جنيف.
* هل يكتب لقاء ألاسكا فصل النهاية ؟
بين المقترحات الروسية، والتحفظات الأوكرانية، والتكتيك الدبلوماسي الأميركي، يبقى السؤال الأبرز :
هل سيكون لقاء ألاسكا الخطوة الأولى نحو إنهاء أطول حرب شهدتها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية ، أم أنه مجرد فصل جديد في مفاوضات بلا نهاية ؟