بينما كانت كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق تمتلئ بالمصلين، دوى انفجار دموي هزّ أرجاء المكان، مخلّفًا عشرات الضحايا والدمار.
وفي قلب هذه المأساة، برز اسم المهندس جريس جميل البشارة، الذي تحوّل في نظر السوريين إلى "بطل الكنيسة" بعدما قدّم حياته محاولًا التصدي للانتحاري وإنقاذ من في الداخل.
* تفاصيل اللحظات الأخيرة :
روت زوجة المهندس جريس، وهي إحدى الناجين من الهجوم، تفاصيل مرعبة عما جرى داخل الكنيسة، وقالت إن المهاجم بدأ بإطلاق النار خارج الكنيسة، مما دفع المصلين إلى الارتماء أرضًا في ذعر. وأضافت : "عندما فتح المهاجم الباب واقتحم الكنيسة، اندفع نحوه زوجي جريس وشقيقه محاولَين منعه من الدخول، فألقى عليهما قنبلة لم تنفجر".
لكن لحظة الحسم جاءت عندما حاول الأخوان بشارة السيطرة عليه، فقام الإرهابي بتفجير نفسه على الفور، ما أدى إلى انفجار هائل مزّق أجسادهما.
تقول الزوجة وهي تجهش بالبكاء : "رأيت كبد زوجي وبطنه أمامي .. لم أستوعب ما حدث".
* سوريون ينعونه بلقب "بطل" :
ما إن انتشرت هذه التفاصيل حتى ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي السورية باسم جريس البشارة، مشيدين بشجاعته وتضحيته.
وتحوّل إلى رمز وطني في أعين كثيرين، مؤكدين أن تدخله البطولي ساهم في الحدّ من عدد الضحايا، ومنع كارثة أكبر كانت ستحصد المزيد من الأرواح.
* ضحايا بالعشرات .. وموقف رسمي حازم :
أعلنت وزارة الصحة السورية في بيان رسمي أن حصيلة ضحايا التفجير الانتحاري داخل الكنيسة ارتفعت إلى 25 شخصًا على الأقل.
وفي أول تعليق رئاسي، تعهّد الرئيس السوري أحمد الشرع بأن "ينال كل من تورّط في هذا الهجوم جزاءه العادل"، داعيًا السوريين إلى الوحدة في وجه الإرهاب.
* من هو جريس البشارة ؟
الراحل جريس جميل البشارة كان يشغل منصب المدير العام للمؤسسة العامة للمواصلات الطرقية في دمشق، ويُعد من الوجوه البارزة في القطاع الهندسي.
ويقطن حي الدويلعة، الذي تقطنه غالبية من المواطنين المسيحيين، إلى جانب عدد من الكنائس.
* تفجير غير مسبوق منذ سقوط النظام السابق :
يُعدّ هذا الهجوم أول اعتداء يستهدف دور عبادة سواء إسلامية أو مسيحية في العاصمة السورية، منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر الماضي، ما أثار مخاوف كبيرة من عودة التفجيرات الدموية التي عصفت بسوريا في سنوات سابقة.
* "اسمه سيبقى محفورًا في الذاكرة" :
وسط الحزن العارم، تتعالى أصوات السوريين على مواقع التواصل :
"جريس لم يمت .. إنه أيقونة الشجاعة، واسمه سيبقى حيًّا في وجدان كل من عرف معنى التضحية".
في زمن يغلب فيه الخوف، وقف جريس كجدار حماية لجماعته، وبجسده العاري واجه موتًا محتمًا، ليمنح الآخرين فرصة للحياة.