اليمن مجددًا تحت رحمة السيول .. ضحايا ودمار وتحذيرات من فيضانات قادمة
26 أغسطس 2025300 مشاهدةوقت القراءة: 3 دقيقة

حجم الخط
16
في تكرار مأساوي يتجدد كل عام، ضربت أمطار غزيرة مصحوبة بسيول جارفة عددًا من المحافظات اليمنية منذ مطلع الأسبوع، متسببة في كارثة إنسانية جديدة تُضاف إلى معاناة اليمنيين المزمنة بفعل الحرب والفقر وانهيار البنية التحتية.
و وفق تقارير أولية، لقي 12 شخصًا حتفهم نتيجة الغرق أو انهيار منازلهم بسبب السيول، فيما أُصيب ما لا يقل عن 16 آخرين بجروح متفاوتة، بينهم أطفال.
كما دُمرت عشرات المنازل، ونُزحت أسر بأكملها، لتجد نفسها في العراء بلا مأوى ولا مساعدات كافية.
* 180 أسرة متضررة وجهود إغاثية عاجلة
كشفت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (UNHCR) عن تضرر 180 أسرة في محافظتي الحديدة وحجة، مشيرة إلى أن فرقها سارعت لتنفيذ عمليات استجابة طارئة شملت توفير المساعدات الإنسانية الأساسية وتقييم حجم الأضرار.
وأكدت أن الجهود لا تزال جارية لتأمين مأوى مؤقت ومستلزمات ضرورية للمتضررين.
* تحذيرات أممية من فيضانات مدمّرة قادمة
من جهتها، حذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) من موجة أمطار غير مسبوقة خلال ذروة موسم الخريف، خصوصًا في المرتفعات الغربية والوسطى من البلاد.
وتوقعت المنظمة هطول كميات أمطار تفوق المعدلات الطبيعية، تصل إلى أكثر من 300 ملم في مناطق تمتد من صعدة شمالًا حتى إب وتعز جنوبًا.
وصنّفت المنظمة محافظات إب، تعز، حجة، صعدة، وأودية سردود، بني قيس، رماع، حرض ضمن المناطق عالية الخطورة، محذرة من احتمالية حدوث فيضانات جارفة وانهيارات أرضية قد تعزل قرى بأكملها وتهدد حياة المزارعين والرعاة.
* زراعة في مهب السيول : تهديد لأكثر من 113 ألف هكتار
وأشارت الفاو إلى أن أكثر من 113 ألف هكتار من الأراضي الزراعية معرضة لخطر الفيضانات، ما يمثل نحو 8% من إجمالي الأراضي المزروعة في اليمن حتى يوليو 2025.
وناشدت المزارعين والرعاة اتخاذ تدابير وقائية فورية، كعدم عبور الأودية المغمورة، ونقل الماشية إلى مناطق مرتفعة، وتعزيز قنوات التصريف الزراعي.
* اجتماع حكومي طارئ وخطة لإنشاء مركز طوارئ وطني
وفي عدن، عقدت الحكومة اليمنية اجتماعًا طارئًا برئاسة رئيس الوزراء سالم بن بريك، ناقش تداعيات المنخفض الجوي والإجراءات العاجلة للتعامل مع الكارثة.
وأُقر خلال الاجتماع إنشاء مركز طوارئ وطني لتنسيق جهود مواجهة الكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية.
وأكد بن بريك أن البناء العشوائي في مجاري السيول من أبرز أسباب تفاقم الكوارث، مشددًا على ضرورة اعتماد خطط عمرانية آمنة تراعي المخاطر البيئية.
كما دعا إلى مضاعفة الجهود وتعزيز العمل الميداني لحماية الأرواح والممتلكات.
وأشار إلى أن مواجهة الكوارث المناخية تتطلب رؤية وطنية متكاملة تجمع بين خطط الطوارئ قصيرة الأجل واستراتيجيات طويلة المدى، بما يشمل تحسين التنسيق مع المنظمات الدولية لتمويل وتنفيذ برامج حماية بيئية ومجتمعية.
* أضرار واسعة في مختلف المحافظات ومخيمات نازحين مدمرة
شملت الأضرار محافظات عدن، لحج، حضرموت، شبوة، الحديدة، وصنعاء، حيث تسببت السيول في وفاة وإصابة العشرات، إلى جانب خسائر فادحة في البنية التحتية والطرقات وتدمير واسع لمخيمات النازحين.
وتواجه آلاف الأسر خطر البقاء بلا مأوى وسط محدودية قدرة الحكومة والمنظمات الإنسانية على الاستجابة السريعة.
* دعوات لتجهيز خطة طوارئ شاملة
شددت الفاو، إلى جانب منظمات إنسانية أخرى، على ضرورة إعداد خطة طوارئ وطنية تشمل مراقبة مستمرة لمستويات المياه، وتوفير مياه شرب آمنة، وخدمات صحية، وضمان إيصال الإمدادات الغذائية والدوائية إلى المناطق المتضررة.
كما دعت إلى الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر، وتطوير البنية التحتية لمقاومة الفيضانات، محذرة من أن غياب هذه الإجراءات سيجعل من أي موجة أمطار قادمة كارثة مضاعفة.
* كارثة مركبة في ظل أزمة إنسانية قائمة
يرى خبراء المناخ أن الوضع في اليمن ينذر بتفاقم أزمة إنسانية مركبة، حيث تتداخل الكوارث الطبيعية مع الأزمة السياسية والمعيشية.
وتواجه الأسر التي فقدت منازلها أو مصادر رزقها خطر الفقر المدقع وانعدام الأمن الغذائي، في بلد يعاني أصلًا من هشاشة البنية التحتية ونقص التمويل الإنساني.
في ظل هذا المشهد القاتم، تبقى حياة اليمنيين معلقة بين رحمة السماء، وضعف الإمكانيات، والحاجة الملحة لتحرك محلي ودولي عاجل يمنع المزيد من الكوارث والضحايا.