في الذكرى الثمانين لتوقيع ميثاق الأمم المتحدة، الذي وُقّع في 26 يونيو 1945 على أمل "إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب"، يتجدد النقاش حول مدى التزام الدول بمبادئ هذه الوثيقة التأسيسية التي أرست قواعد العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية.
الميثاق الذي صيغ في مؤتمر سان فرانسيسكو بمشاركة 50 دولة، دخل حيّز التنفيذ في أكتوبر من العام ذاته بعد مصادقة القوى الكبرى، وأصبح عدد الأعضاء اليوم 193 دولة.
يتألف الميثاق من 19 فصلًا و111 مادة، تحدد مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها، مثل احترام السيادة، المساواة بين الدول، حل النزاعات سلميًا، التعاون الإنساني، وحماية حقوق الإنسان.
كما يمنح الفصل السابع مجلس الأمن صلاحية فرض العقوبات أو استخدام القوة العسكرية عند تهديد السلم العالمي، وتحتكر الدول الخمس الدائمة العضوية ( أميركا، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا ) حق النقض ( الفيتو ).
رغم طموحاته، تعرض الميثاق لانتهاكات عديدة خلال العقود الثمانية الماضية، من دون مساءلة حقيقية.
الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" شدد مؤخرًا على أن الميثاق "ليس مجرد وثيقة بل وعد بالسلام والكرامة"، إلا أن الواقع كثيرًا ما عكس عجز المجتمع الدولي عن مواجهة الانتهاكات المتكررة.
الولايات المتحدة، على سبيل المثال، اتُهمت حديثًا بانتهاك الميثاق بعد قصف منشآت إيرانية، بينما دافعت عن تصرفها بـ "حق الدفاع المشترك".
روسيا، التي واجهت إدانات من الجمعية العامة بسبب حربها في أوكرانيا، أفلتت من إجراءات مجلس الأمن بفعل الفيتو.
كما وصف الأمين العام السابق كوفي أنان غزو العراق عام 2003 بأنه "غير شرعي".
و رغم أن المادة السادسة من الميثاق تتيح فصل الدول التي تنتهك مبادئه، لم يُطرد أي عضو من الأمم المتحدة، باستثناء تعليق عضوية جنوب إفريقيا في الجمعية العامة عام 1974 بسبب سياسة الفصل العنصري.
الخبيرة غيسو نيا من "المجلس الأطلسي" اعتبرت أن غياب المحاسبة الدولية حوّل الانتهاكات إلى نهج شائع، حيث تستخدم الدول نصوص الميثاق لتبرير أفعال متناقضة، مثل الدفاع عن النفس أو مبدأ عدم التدخل.
ومع استمرار الأزمات العالمية، يبقى ميثاق الأمم المتحدة مرجعية مثالية تواجه واقعًا دوليًا مشحونًا بالتناقضات السياسية والمصالح المتضاربة، ما يثير تساؤلات جدية حول فعاليته في حفظ السلم والأمن الدوليين.