تشهد محافظة اللاذقية منذ يومين واحدة من أكبر موجات الحرائق هذا العام، حيث اندلعت النيران في مناطق قسطل معاف و ربيعة و زنزف، وامتدت بسرعة هائلة بفعل الرياح النشطة وارتفاع درجات الحرارة، لتلتهم مساحات واسعة من الأحراج، مهددة القرى والمنازل في الريف الشمالي.
وأطلقت وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث السورية بالتنسيق مع فرق الدفاع المدني وأفواج الإطفاء عمليات استجابة شاملة، شملت إرسال تعزيزات من مختلف المحافظات، تشمل فرق إطفاء وآليات هندسية ومركبات تزويد بالمياه، في محاولة لاحتواء الحريق الذي وصفه وزير الطوارئ رائد الصالح بأنه من أخطر الحرائق النشطة حالياً في البلاد.
وخلال جولة ميدانية أجراها الوزير الصالح برفقة محافظ اللاذقية محمد عثمان في مواقع النيران، أكد أن الفرق الميدانية تواجه ظروفاً صعبة ومعقدة، مشيراً إلى أن طبيعة التضاريس الجبلية و وجود مخلفات الحرب غير المنفجرة تعيق الوصول إلى بؤر النيران، ما زاد من تعقيد الموقف.
وأوضح الصالح أن فرق الطوارئ تتعامل حالياً مع أكثر من 40 حريقاً في 20 منطقة مختلفة، فيما يتم التركيز بشكل خاص على منع وصول النيران إلى المناطق المأهولة بالسكان، مشدداً على أن الحديث عن "نتائج ملموسة" ما يزال مبكراً بسبب الظروف الجوية المتغيرة، لكنه أعرب عن أمله في تحسن الوضع مع انخفاض درجات الحرارة وسرعة الرياح خلال الليل.
ومن جانبه، أكد مدير مديرية الكوارث والطوارئ في اللاذقية عبد الكافي كيال أن أولوية الجهود حالياً هي لحماية الأهالي، لافتاً إلى إخلاء عدد من القرى منها : الرمادية، بئر القصب، زنزف، والبسيط، بعد وصول النيران إلى محيطها.
وأشار كيال إلى أن عمليات الإخماد تواجه تحديات كبيرة أبرزها الألغام الأرضية، المقذوفات غير المنفجرة، وصعوبة الوصول إلى مناطق الاشتعال.
ودعا إلى استنفار جميع الطاقات وتوحيد الجهود بين مؤسسات الدولة، مطالباً المدنيين بالتعاون مع الفرق الميدانية، والإبلاغ عن أي حريق، والامتناع عن إشعال النيران في الأحراج تجنباً لتكرار الكارثة.
من ناحيته، أوضح مدير المنطقة الشمالية مصطفى جولحة أن الحريق بدأ من قرية الإمام، ثم امتد بفعل تغير اتجاه الرياح إلى السرايا، طربجق، الحلوة، ومفرق البسيط، ما تسبب في قطع الطريق الرئيسي إلى ناحية البسيط، بينما توزعت فرق الإطفاء على ثلاثة محاور رئيسية : بللوران، البسيط، وقسطل معاف.
وأشار جولحة إلى أن هناك دعم متوقع من الجانب التركي خلال الساعات المقبلة، سيكون رافداً للجهود المحلية في محاصرة النيران.
وسُجّلت حتى الآن إصابتان طفيفتان تم إسعافهما، فيما لم تُسجل أي وفيات حتى اللحظة.
تبقى العيون مشدودة نحو اللاذقية، حيث تواصل فرق الطوارئ والجهات المعنية سباق الزمن في مواجهة واحدة من أعنف حرائق صيف 2025، وسط تحديات بيئية وميدانية تهدد بتوسع رقعة النيران في حال لم تُحاصر سريعاً.