في تطور جديد قد يُشعل السباق على منصب عمدة مدينة نيويورك، كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أجرى خلال الأسابيع الأخيرة مشاورات سرية مع عدد من رجال الأعمال والسياسيين الجمهوريين حول إمكانية التدخل في الانتخابات، بهدف إضعاف فرص المرشح التقدمي زهران ممداني، الذي يراه تهديدًا لجدول الأعمال المحافظ في المدينة.
و وفقًا لما نقلته الصحيفة عن ثمانية مصادر مطلعة، فقد استفسر ترامب من حلفائه عن هوية المرشح الأقدر على هزيمة ممداني، الذي يمثل الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، ويحمل أجندة سياسية تشمل تجميد الإيجارات، و زيادة الضرائب على الأثرياء، وتوسيع سياسات الحماية الاجتماعية.
ويأتي هذا التحرك بعد المفاجأة التي أحدثها ممداني بتقدمه على الحاكم السابق أندرو كومو في الانتخابات التمهيدية، وهو ما اعتُبر صدمة للأوساط السياسية في نيويورك.
ومنذ ذلك الفوز، بات يُنظر إلى ممداني على أنه الأوفر حظًا في سباق العمدة، خاصة مع التشتت الواضح في معسكر خصومه.
ضمن جهود استكشاف الخيارات، عرض كل من خبير استطلاعات الرأي مارك بن والسياسي المخضرم أندرو شتاين على ترامب نتائج استطلاعات حديثة تظهر أن كومو لا يزال يتمتع بشعبية كافية للعودة كمستقل والمنافسة بقوة.
وقد عملا الاثنان على الترويج لهذا السيناريو، ونشرا مقال رأي مشترك في وول ستريت جورنال يدعوان فيه لدعم ترشيح كومو المستقل، فيما تولت شركة تابعة لبن التنسيق مع لجنة سياسية داعمة له.
وفي خطوة لافتة، كشفت ثلاثة مصادر مطلعة أن ترامب أجرى اتصالًا مباشرًا مع كومو، رغم الخلافات التاريخية بين الرجلين، لا سيما بعد فتح وزارة العدل في عهد ترامب تحقيقًا في تعامل كومو مع جائحة كورونا.
ولم يُعرف حتى الآن ما إذا كانت المكالمة بمبادرة من ترامب أو من كومو.
ويقول مراقبون إن تشتت الأصوات بين ثلاثة مرشحين رئيسيين _وهم العمدة الحالي إريك آدامز، وأندرو كومو، والمرشح الجمهوري كورتيس سليوا_ قد يصب في مصلحة ممداني، ما لم يتم توحيد جهود المعسكر المناهض له خلف مرشح واحد.
لكن التحدي الكبير أمام أي تدخل محتمل من ترامب يكمن في شعبيته المتدنية داخل مدينة نيويورك، وهي مدينة ديمقراطية تقليديًا ، ويحذر بعض حلفائه من أن دعمه العلني لأي مرشح قد يكون ذا نتائج عكسية.
وقال المذيع الإذاعي المحافظ سيد روزنبرغ للصحيفة : "نيويورك ليست بيئة آمنة لمناصري ترامب ... تأييده قد يُنفّر الناخبين بدلًا من جذبهم".
وفي تصريحات علنية مطلع يوليو، هاجم ترامب ممداني بشدة، واصفًا إياه بـ "الشيوعي المجنون"، بل زعم _دون تقديم دليل_ أن ممداني مهاجر غير شرعي، مهددًا باعتقاله إذا "عرقل تطبيق قوانين الهجرة" ، على حد تعبيره.
من جانبه، نفى ممداني تلك الادعاءات، مؤكدًا أنه أميركي الجنسية ويمثل تيار الديمقراطية الاجتماعية، مشددًا على أن برنامجه يهدف إلى حماية الطبقة المتوسطة والمستأجرين، وتحقيق عدالة اقتصادية أوسع.
يُذكر أن ترامب سبق أن لعب دورًا غير مباشر في السباق، حين تم في عهده إسقاط تهم فيدرالية تتعلق بالفساد عن العمدة الحالي إريك آدامز، ما مهد له الطريق للترشح مجددًا.
غير أن هذه الخطوة أضرت بصورته داخل الحزب الديمقراطي، و دفعته لاحقًا لخوض السباق كمستقل، ما زاد المشهد السياسي تعقيدًا.
وفي ظل هذا التشابك، يحاول فريق ترامب كسب الوقت والتخطيط بذكاء.
وقال الملياردير الجمهوري جون كاتسيماتيديس إنه نصح ترامب بعدم التسرع في اتخاذ موقف رسمي. وأضاف : " قلت له ببساطة : دعنا ننتظر حتى سبتمبر ".
مع اقتراب موعد الانتخابات، هل يتمكن ترامب من قلب موازين السباق في نيويورك ، أم يكون تدخله المحتمل مجرد عامل فوضوي يزيد من فرص المرشح الذي يسعى لإقصائه ؟.