تراجع قوي في سوق العمل البريطاني مع ارتفاع البطالة وتباطؤ نمو الأجور

كشفت أحدث بيانات صادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية في بريطانيا عن استمرار ضعف سوق العمل، حيث ارتفع معدل البطالة إلى 4.5% خلال الفترة من كانون الثاني إلى آذار 2025، وهو الأعلى منذ آب 2021، بينما شهدت الوظائف الشاغرة والرواتب تباطؤاً ملحوظاً.
ارتفاع البطالة وتراجع التوظيف
سجل عدد العاملين انخفاضاً حاداً، حيث خسرت الشركات 47 ألف وظيفة في آذار، تلاها فقدان 33 ألف وظيفة إضافية في نيسان. كما تراجعت الوظائف الشاغرة بمقدار 42 ألف وظيفة بين شباط نيسان 2025، ليصل إجمالي الشواغر إلى 761 ألف فقط.
وعلّقت ليز ماكوين، مديرة الإحصاءات الاقتصادية بالمكتب، قائلة: "الصورة العامة لا تزال تشير إلى تباطؤ في سوق العمل".
تباطؤ الأجور وضغوط التضخم
رغم أن نمو الأجور الأساسية (بدون المكافآت) بلغ 5.6% سنوياً في الربع الأول من العام، إلا أن وتيرة النمو بدأت تتباطأ، وإن كانت لا تزال أعلى من معدل التضخم.
وأرجعت روث غريغوري، نائبة كبير الاقتصاديين في "كابيتال إيكونوميكس"، هذا التراجع إلى رد فعل الشركات تجاه الزيادات الضريبية ورفع الحد الأدنى للأجور، مشيرة إلى أن "المزيد من التراجع في التوظيف خلال نيسان يشير إلى أن الشركات واصلت الاستجابة لزيادة الضرائب على الأعمال والحد الأدنى للأجور من خلال خفض أعداد الموظفين".
تحديات أمام بنك إنجلترا
يُواجه البنك المركزي البريطاني تحدياً في سياساته النقدية بسبب تنامي ضغوط الأجور، التي قد تؤجج التضخم. وقالت غريغوري: "استمرار نمو الأجور بوتيرة مرتفعة قد يدفع البنك إلى التوجّس من الضغوط التضخمية في المدى القريب"، مؤكدة أن "مسار خفض الفائدة التدريجي سيظل عملية توازن دقيقة".
يأتي ذلك بعد أن خفّض البنك الفائدة الأسبوع الماضي، مع إشارة محافظه أندرو بيلي إلى أن أي تخفيضات قادمة ستكون "تدريجية وحذرة"، في ظل مراقبة دقيقة لتأثير الأجور على الأسعار.
عوامل الضغط على سوق العمل
تزامن هذا التراجع مع دخول زيادة الضرائب على الشركات حيز التنفيذ في أبريل، بعد إقرارها في تشرين الأول 2024 ضمن موازنة الحكومة العمالية، بالإضافة إلى الرسوم الجمركية الأمريكية بنسبة 10% التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب الشهر الماضي. كما زادت مساهمات أصحاب العمل في التأمينات الوطنية، مما زاد من أعباء التوظيف.
وبينما يحاول الاقتصاد البريطاني الحفاظ على توازنه، تبقى الآفاق المستقبلية لسوق العمل مرهونة بتطورات السياسات الضريبية والنقدية في الأشهر المقبلة.