في مدينة وارسو، وفي لحظة هادئة، تلقى أحد مستخدمي هاتف آيفون 15 برو، الذي اشتراه بسعر 1000 دولار بسعة تخزين 128 غيغابايت، رسالة مألوفة مفادها "نفدت مساحة التخزين".
هذا الهاتف الذي يُفترض أن يضمن للمستخدم راحة البال وحرية الاستخدام كان قد حجز مكانه بين الأجهزة الرائدة في السوق، لكنه لم ينجُ من هذه المشكلة الشائعة.
وكانت المفاجأة الحقيقية تكمن في أن هناك هواتف متوسطة التكلفة تقدم مساحات تخزين أعلى، مثل CMF Phone 2 Pro الذي يبلغ سعره 280 دولارًا ويأتي بسعة تخزين مضاعفة، أو Motorola Edge 60 الذي يوفر سعة 512 غيغابايت بسعر 400 دولار فقط، مما يثير التساؤلات حول التفاوت الكبير في الأسعار مقابل المواصفات.
عند التعمق في الأرقام، نكتشف أن الفرق في تكلفة التصنيع بين 128 و 512 غيغابايت لا يتجاوز 10 دولارات، بينما تطلب الشركات من المستخدمين دفع 250 دولارًا إضافيًا مقابل ترقية التخزين !
هذا يكشف عن سياسة تسعير مدروسة تهدف إلى زيادة الأرباح على حساب المستهلكين، إذ يبقى السؤال المطروح :
لماذا لا تقدم هذه الشركات سعات تخزين أكبر في الهواتف متوسطة التكلفة ؟
الجواب بسيط : الكاميرا ..
الشركات الكبرى تدرك تمامًا أن الكاميرا هي الميزة الأساسية التي يدفع المستخدمون من أجلها سعرًا مرتفعًا في الهواتف الرائدة.
لذلك، تحتفظ الكاميرات المتطورة وعدسات التقريب حصريًا في الهواتف الأغلى ثمنًا، بينما تُحرم منها الهواتف الأرخص، رغم أن تكلفة هذه المكونات لا تكون مرتفعة.
لكن المسألة لا تتعلق فقط بالكاميرا أو التخزين، بل بنموذج تجاري يعتمد على "الندرة المصطنعة" ، فإذا كنت ترغب في كاميرا ممتازة، عليك شراء هاتف رائد، وإذا كنت ترغب في سعة تخزين كافية، عليك دفع المزيد.
في نهاية المطاف، يدفع المستخدم أكثر مما يجب، ليس بسبب ارتفاع تكاليف التقنية، بل لأن الشركات تتفق ضمنيًا على تعظيم أرباحها من خلال التحكم في المواصفات.
الحل الأمثل للمستهلك يبدو بسيطًا لكنه ليس سهلًا :
اشترِ الهاتف الذي يناسب احتياجاتك الفعلية، وادفع مرة واحدة مقابل سعة التخزين المناسبة، ثم احتفظ به لأطول فترة ممكنة دون الحاجة إلى الترقية أو الدفع الإضافي الذي لا يتناسب مع الفوائد الحقيقية التي يحصل عليها المستخدم.