تحقيق لمنظمات حقوقية يكشف مقابر جماعية في مطار المزة العسكري

أصدر المركز السوري للعدالة والمساءلة بالاشتراك مع رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، تحقيقاً استقصائياً عن استخدام مطار المزة العسكري لتعذيب وإخفاء السوريين في المطار أثناء النزاع بعد عام 2011.
ووفق التقرير، أكثر من 1000 سوري لقوا حتفهم أثناء الاحتجاز في مطار المزة العسكري، بوسائل مختلفة بين الموت إعداماً أو قتلوا تحت التعذيب أو سوء المعاملة.
ويشير تتبع التقرير للوفيات إلى 7 مواقع يشتبه أنها مقابر جماعية مرتبطة بالمطار، حيث حدد المركز السوري للعدالة والمساءلة الفترات الزمنية التي يرجح أن 3 منها استخدمت لدفن المعتقلين.
وحدد المركز، وفقاً للتقرير، مواقع المقابر عبر تقاطع شهادات الشهود وصور الأقمار الصناعية والوثائق التي أصبحت متاحة بعد سقوط النظام السابق في 8 كانو الأول 2024، في المزة وفي منشآت أخرى أدارتها المخابرات الجوية وكيانات الحكومة السابقة والتي شاركت في نقل المعتقلين والرفات البشرية، وتوصل إلى أن بعض المواقع كانت على أرض المطار، وبعضها الآخر كان في مختلف أنحاء دمشق، منها مقبرة في نجها.
ووفق "رويترز"، كان شادي هارون، أحد معدي التقرير وواحداً الأسرى، الذي تم اعتقاله لعدة أشهر بين عامي 2011 و 2012 بتهمة تنظيم الاحتجاجات، قال إنه أُجبر على الإدلاء باعترافات لا أساس لها تحت ضغط التحقيقات اليومية والتعذيب الجسدي والنفسي.
وفي وصفه لمعاناة زميل له في الزنزانة، قال هارون: "جرح صغير في قدم أحد المعتقلين نتيجة الضرب بالسوط الذي تلقاه تحت التعذيب، ترك دون تعقيم أو علاج لعدة أيام، تحول تدريجياً إلى غرغرينا وتفاقمت حالته حتى وصل الأمر إلى بتر القدم كاملة".
ولم تكتف المنظمات بالوثائق التي حصلت عليها، حيث أجرت مقابلات مع 156 ناج تعرضوا جميعهم للتعذيب حسب التقرير، و8 أعضاء في المخابرات الجوية، وتضمنت شهادات بعض هؤلاء الضباط تفاصيل الأحداث حتى سقوط النظام.
وقال وزير الداخلية أن هذا الاكتشاف لم يفاجئهم، وذكر أن أكثر من 100 ألف مفقود في سجون نظام الأسد لم يخرجوا خلال أيام التحرير في أوائل كانون الأول.
يقدر المركز السوري للعدالة والمساءلة أن إجمالي عدد المعتقلين الذين قتلوا في مطار المزة العسكري وصل إلى 1154 معتقلاً بين عامي 2011 و 2017 وفقاً لمجموعتي بيانات لاستخبارات القوات الجوية سربت في مجموعة "فيسبوك" تقوم المنظمة بمراقبتها والتحقق منها منذ انهيار النظام السابق.
ولا يشمل التقدير الأشخاص الذين أعدموا من قِبل محكمة ميدانية عسكرية أقيمت داخل حظيرة، وبحسب الإفادات تم إعدام الضباط والجنود رمياً بالرصاص، بينما تم شنق المدنيين.
ومن النتائج النهائية التي توصل لها التقرير، أن مطار المزة العسكري أصبح جزءاً من منظومة الإخفاء القسري التي وسعها النظام بعد عام 2011، حيث يرجح أن أكثر من 28 ألف شخص اعتقلوا في المطار خلال النزاع.
يُذكر أن محمد العبد الله، المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة SJAC، وهي منظمة حقوقية مقرها الولايات المتحدة، يقودها سوريون وتمولها حكومات أوروبية حتى تجميد تمويلها الأخير من قبل إدارة ترامب، نشر على حسابه الشخصي على "فيسبوك" تأكيد للتحقيق الذي نشره المركز بالاشتراك مع جمعية رابطة معتقلي سجن صيدنايا، والذي نشرته "رويترز" بدورها، رداً على تشكيك بعض المواقع والصفحات بصحة الرواية حرصاً على مشاعر أهالي المعتقلين وصحة المعلومات.
ونوّه العبد الله إلى أنه تم العمل على التحقيق لمدة عام كامل قبل سقوط النظام، وتأكدت هذه المعلومات بعد الاطلاع على صور الأقمار الصناعية والوثائق في مطار المزة العسكري بعد سقوط النظام.