عالم مصريات فرنسي يكشف عن رسائل خفية في مسلة الأقصر بباريس

كشف جان غيوم أوليت-بيليتييه، عالم المصريات المتخصص في فك الشفرات الهيروغليفية بجامعة السوربون، عن سبع رسائل سرية مخبأة في النقوش المنحوتة على مسلة الأقصر، التي تزين ساحة الكونكورد في العاصمة الفرنسية باريس منذ عام 1836.
وقال أوليت-بيليتييه (37 عاماً) إن هذه الرسائل، التي فك شفرتها من خلال تحليل العلامات والأشكال الهيروغليفية، تُعد بمثابة دعاية ملكية تُمجد قوة الفرعون رمسيس الثاني، الذي حكم مصر قبل أكثر من 3000 عام.
وأوضح أوليت-بيليتييه أن إحدى هذه الرسائل، المنقوشة على الواجهة الغربية للمسلة، كانت موجهة للنخبة الأرستقراطية التي كانت تمر بالقوارب على نهر النيل، واصفاً إياها بـ "الرسالة الدعائية التي تؤكد على السيادة المطلقة لرمسيس الثاني"، وفقاً لما نقلته صحيفة "ذا تايمز" البريطانية.
تعود مسلة الأقصر إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، حيث كانت واحدةً من مسلتين نُحتتا في عهد رمسيس الثاني لتزينا مدخل معبد الأقصر.
صنعت المسلة من الغرانيت الأحمر المستخرج من أسوان، ونُقلت عبر النيل إلى موقعها الأصلي. وفي عام 1830، أهداها محمد علي باشا إلى فرنسا، بينما بقيت المسلة الثانية في مكانها بمصر.
وخلال فترة جائحة كورونا، لاحظ أوليت-بيليتييه وجود رسائل مشفرة في النقوش الهيروغليفية، فبدأ بدراستها بدقة خلال جولاته اليومية حول المسلة. وساعدته السقالات التي وُضعت حول النصب التذكاري أثناء تجهيزات باريس للألعاب الأولمبية 2024 في فحص النقوش عن قرب، لا سيما تلك القريبة من قمة المسلة.
اكتشف الباحث أن بعض الرموز يمكن قراءتها أفقياً بدلاً من الطريقة التقليدية العمودية، مما كشف عن ألغاز وتلاعبات لفظية مخفية.
وقال أوليت-بيليتييه في تصريح لمجلة "أفنير" الفرنسية: "أدركت أن المسلة تحوي العديد من الرموز المشفرة، ولم يكن بمقدور سوى النخبة المثقفة في ذلك العصر فك شفرتها".
وأضاف أن الهدف من هذه الرسائل كان تعزيز فكرة أن رمسيس الثاني حاكم مُختار من الآلهة، وسليل مباشر للإلهين آمون رع وماعت، مما يعزز شرعيته السياسية والدينية.
يُذكر أن فك رموز الهيروغليفية بدأ في عشرينيات القرن التاسع عشر بفضل جهود العالم جان فرنسوا شامبليون، الذي اعتمد على حجر رشيد لفك طلاسم الكتابة المصرية القديمة. واليوم، يواصل أوليت-بيليتييه هذا الإرث العلمي باكتشافاته الجديدة.
من المقرر أن تُنشر نتائج بحثه التفصيلية قريباً في مجلة "ENiM" (مصر والنيل والبحر الأبيض المتوسط)، وهي دورية فرنسية متخصصة في علم المصريات مقرها مونبلييه.